جورج واشنطن، هو السياسي والضابط، ورسام الخرائط والمساح الجغرافي، والثوري والقائد والمخطط الاستراتيجي الفذ الذي قاد أمريكا للنصر في حرب الاستقلال، وحكم الولايات المتحدة الأمريكية كأول رئيس لها، بعد أن كان أحد الشخصيات البارزة والمؤسسة للدولة الحديثة. وحصل على لقب أبو الأمة و أبو الوطن.
وكما يقول المؤرخون، فلولاه لما قامت دولة الولايات المتحدة، وحتى وإن قامت فكانت ستقوم ركيكة مفككة وستقع لقمة سائغة في فم أي انقلاب عسكري.
فمن جندي في الجيش الإنجليزي كان يخفي اسمه خوفًا من التعرف عليه كأمريكي تجنبًا للمضايقات، إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأول بالإجماع وبلا أي منافس له، ومحررها من المستعمر البريطاني.
تعرف ايضاً على السياسي يوليوس قيصر من هنا.
من أب يدعى أوغسطين واشنطن، وأم تدعى ماري بل، يعملان في مهنة الزراعة، وهي المهنة الشائعة في أغلب العائلات الأمريكية وقتها، هناك وُلد جورج واشنطن في الثاني والعشرين من فبراير من العام 1732م على أرض فرجينيا التابعة لمستعمرة بريطانية.
تلقى والده تعليمه المدرسي في إنجلترا، وهاجر جده ووالده إلى أمريكا واستقر في فرجينيا. حيث تزوج مرتين، الأولى وأنجب منها أربعة أبناء، والثانية من والدة جورج وأنجبت له ستة أبناء.
في هذه الأجواء المشبعة بأجواء العائلة تربى واشنطن، حيث سلك طريق والديه وأحب الزراعة وتربية الماشية.
لكن فجأة وواشنطن لايزال طفل في الحادية عشر من عمره توفي والده ورحل عن الدنيا، ليصبح أخوه، الذي يدعى لورانس والأكبر منه في السن، وصيًا عليه.
ولأن الوضع المادي للعائلة متواضعًا، تلقى تعليمًا متواضعًا أيضًا، فدرس الابتدائية، وأحب الرياضيات جدًا، وقام بتعليم وتطوير نفسه بنفسه في هذه المادة بالذات.
لاحقًا كان لأمه دور بصورة أو بأخرى في تغيير تاريخ أمريكا، فقد منعته من الالتحاق بالبحرية البريطانية للعمل كضابط بحري، وهي رغبته الأولى، فانحرف مساره المهني كأنه كان يستعد نفسيًا وجسديًا لقيادة أمريكا مستقبلًا.
وببلوغه سن السابعة عشرة واستمرار تعنت والدته، اضطر للعمل كمهندس مساح يرفع الأراضي والعقارات التي امتلكتها العائلات الكبيرة في أمريكا. ليتولى رسميًا منصب مساح قطاع كامل.
وهكذا مكث على هذه المهن لثلاث سنوات ما بين العمل المساحي، الذي مسح فيها معظم أراضي وحدود فرجينيا، والزراعة وصيد السمك، والقليل مما يتوفر له من كتب للقراءة.
في العام 1759م التقى بشريكة حياته مارثا داندريدج، أرملة ثرية، وتزوج منها. وقد تبنى ابن زوجته جون بارك واعتبره ابنه الأوحد وهو الذي لم ينجب أبناء قط.
ليلتحق في العام 1760م بالجيش الإنجليزي، حيث لازالت أمريكا تحت سيطرة بريطانيا العظمى. وفيها وقتها ومما يُذكر له من قصص أنه كان يحاول تجاهل اسمه حتى يتناساه المحيطون به بحيث لا يتذكرون أنه أمريكي ولا تكثر مضايقته.
بقامة طويلة، وببنية نحيلة وببلوغه سن العشرين عامًا، تولى واشطنن قيادة منطقة غرب أمريكا في فترة اندلاع الحرب الأنجلو-فرنسية والتي امتدت من الفترة 1778م حتى 1783م، حيث كان النصر حليفًا لفرنسا.
وبعد مرور ثلاث سنوات على هزيمة الإنجليز، قام ملك انجلترا في وقتها بتجهيز جيش قوامه عشرين ألف جندي، وبانضمام جزء من الهنود الحمر، السكان الأصليون لأمريكا، هاجم الإنجليز الفرنسيين، وحلت الهزيمة هذه المرة بالفرنسيين، وسقط الشمال الأمريكي في يد الإنجليز بالكامل.
هناك حيث الهزيمة النكراء للفرنسيين والنصر الساحق للإنجليز، عُومل الأمريكان اسوأ معاملة، وزاد الاجحاف بحق السود منهم، وفُرضت الضرائب التي قسمت ظهر المواطن.
وقبل هذه الفترة العصيبة التي حلت على البلد، برز نجم جورج واشنطن ولمع اسمه بقيادة ثورة عُرفت باسم ثورة التحرير، ليتم تكوين جيش أمريكي تحريري بقيادته في العام 1775م، لتأخذ من عمر البلد ثمان سنوات حرب، لتنتهي بانتصاره، وإعلان الانفصال عن الإنجليز وتأسيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية المستقلة.
تعرف ايضاً على اسرار الفنان ليوناردو دافنشي من خلال هذا المقال.
تقلده لمنصب رئيس الدولة سبقه إعداد نفسي ومهني أهله لهذا المهمة. ففي بدايات عمره انخرط واشنطن في العمل العسكري كضابط، واستلم مهامه القيادية الأولى خلال الحرب الفرنسية-الهندية، حيث ترأس كتيبة فرجينيا.
ولجديته في العمل، تأهل لمنصب نائب فرجينيا في الكونجرس. ثم وبعمر الرابعة والعشرين تولى منصب القائد الأعلى للقوات الحربية الأمريكية، تعلم في هذا المنصب الكثير وصنع منه خبيرًا في إدارة الحروب والأزمات. وهو المنصب الذي استقال منه لاحقًا.
وقد تعلم مهارات القتال عندما تولى كتيبة فرجينيا أثناء الحرب الأنجلو-فرنسية. وهو في الثانية والعشرين من عمره.
بعد هذه الحرب، وفي العام 1758م قرر واشنطن العودة للحياة المدنية، حيث عاش في مزرعته وعمل كمزارع، مهنته وشغفه الأول.
ليعود مجددًا لمعترك الحياة العملية عام 1759م، حيث خطى أولى خطواته كعضو مجلس نواب فرجينيا، وبقي على هذه العضوية حتى العام 1774م.
وهي نفس الفترة التي شهدت تعسف شديد وتضييق على المواطنين، كان واشنطن في صف الحرية، ورأى أن الحل لكل المشاكل الواقع فيها البلاد هو الاستقلال عن بريطانيا.
وباندلاع حرب عام 1775م في الجزء الشمالي من البلد، كان لابد من وجود قائد للمناطق الجنوبية، فوقع الاختيار على جورج واشنطن لخبرته العسكرية واحتكاكه السابق ومعرفته بالجيش البريطاني، وفعلًا قاد جيش قوامه ستة عشر ألف جنديًا، وتحالف مع فرنسا لطرد الإنجليز من بعض الأماكن الأخرى. وهي الفترة التي عدها الأصعب في مسيرته السياسية.
حيث خاض حرب لمدة ثمان سنوات، على أمل أن تُفتح آفاق جديدة لبلده بعدها، وتصبح واحدة من أغنى دول العالم، فكان له ما أراد.
ومما يُذكر أن مجلس الشيوخ قد أقر له براتب سنوي يقدر بـ 25 ألف دولار، وهو ما يوازي المليون دولار حاليًا، فرفض هذا المبلغ لأنه رأى في نفسه خادمًا للدولة وجنديًا يحمي وطنه وموظفًا يؤدي واجبه ليس إلا، لكنه ما لبث أن وافق بعد محاولات عديدة لإقناعه وإصرار مجلس الشيوخ على تنفيذ القرار.
قال عن نفسه عند توليه الرئاسة، مستشعرًا كُبر المسؤولية، وضخامة بناء دولة ودستور من الصفر، حيث قال “إنني أسير في طريق غير مطروق“.
شغفه المتواصل وولعه بالسياسة وبأمور بلده، جعله يتدرج في مناصب سياسية عدة، ويظهر اسمه في أكثر من قرار محوري. فمن كونه أحد أبرز الأسماء السياسية التي أسست الولايات المتحدة، إلى أول رئيس يحكم الولايات،
وما بينها أصبح عضو مهم في مجلس بورغريسيس من 1758م حتى 1775م، ثم مندوب في الكونجرس عن فرجينيا من 1774م حتى 1775م، ثم عُين رئيس لأركان الجيش من العام 1775م إلى 1783م، ثم مستشار كلية وليام وماري من 1788م حتى 1799م، ثم قائد للقوات المسلحة من 1798م إلى 1799م.
وفي العام 1787م كان جورج واشنطن رئيس الاتفاقية التي كونت الدستور الجديد في فيلادلفيا، والذي لازال هو الدستور الأمريكي المعتمد حتى اليوم.
وفي العام 1788م اجتمع المجمع الانتخابي للتصويت والتشاور في أمور البلاد، حيث كان من ضمنها التصويت والاتفاق بالإجماع على تعيين جورج واشنطن رئيسًا للدولة الأمريكية الجديدة، بعد أن تم تغيير الدستور وإضافة منصب رئيس ضمن لائحتها.
وبهذا القرار يكون جورج واشنطن قد تقلد منصب رئيس رسميًا، ليأتي تاريخ 30 أبريل 1789م ويبدأ فعليًا تنفيذ القرار، حيث تولى منصب رئيس لفترتين رئاسيتين، مدة كل فترة أربع سنوات، حسب ما نُص في الدستور. وحكم الولايات المتحدة كأول رئيس لها من العام 1789م إلى 1797م.
في هذه الفترة وبعد توليه منصب الرئيس، عمل جورج واشنطن جاهدًا على رسم ملامح حكومة جديدة قوية محافظة على الحياد في قراراتها، وقامعة لأي تمرد أو عصيان مدني من شأنه زعزعة الاستقرار.
لم تكن فترة حكمه مجرد فترة رئاسية وانتهت، بل هي الفترة التي وضع فيها حجر أساس سياسات الولايات المتحدة القائمة حتى يومنا هذا، واللبنة الأولى التي استندت عليها قوانين الحكم. فـ جورج واشنطن بالإضافة لتكوين الدستور الجديد، وتشكيل حكومة جديدة، هو أيضًا من وضع نظام عُرف بمجلس الوزراء، وأضاف عليه القَسم الرئاسي.
وهو من دعم فكرة وجوب التقاعد بعد الترشح لفترتين رئاسيتين كحد أقصى، والتأكيد على أهمية الانتقال السلمي للسلطة، وحرص على تطبيق القرار على نفسه أولًا، فسلم بالسلم شارة القيادة للرئيس الذي حكم بعده جون آدامز.
كما سعى جاهدًا لدمج السكان الأصليين لأمريكا مع سكان الأنجلو-أمريكيين، على الرغم من أنه سابقًا قبل توليه المنصب الرئاسي، قد شارك في قتل السكان الأصليين في فترة الصراع الذي شهدته البلد.
كما أنه اتبع سياسة الحرية في الدين والمعتقدات الثقافية، في محاولة منه لتذويب طبقات المجتمع المختلفة ثقافيًا ودينيًا، وإزالة الفوارق التي من شأنها خلق الصراعات والنزاعات. كما أنه عمل جاهدًا على إرساء النظام الفدرالي في بلده تحت حكم رئيس واحد.
كما واتسمت سياسته بالحنكة والحكمة ورجاحة العقل، فقد احترم قرارات الكونجرس ولم يتجاوزها، ورسم لبلده توجه معين اختار فيه الحياد، والنأي بالنفس عن الصراعات بين الدول الصديقة أو الحليفة، كالصراع بين بريطانيا وفرنسا،
حيث أصر على رفض التحيز لأي جه على الرغم من نصح بعض وزراء حكومة بلده بضرورة التحيز لجهة معينة لما لها من نفع، فلم يجد نفع إلا في السلم والحياد وتجنب الصراعات التي أنهكت عاتق بلده.
وبانتهاء فترة رئاسة جورج واشنطن الثانية وعلى الرغم من رغبة الشعب والحكومة بإعادة ترشيح نفسه لفترة ثالثة، إلا أنه أصر على التقيد بقرار الدستور والاكتفاء بفترتين رئاسيتين فقط، والتأكيد على الانتقال السلمي للسلطة، شعار المرحلة القادمة لمستقبل أراده أن يكون مشرقًا.
ويذكر أيضًا من ضمن إنجازاته هو توقيعه بالموافقة على تحويل مقاطعة كولومبيا لتكون المقر الدائم للحكومة عام 1790م، وهي المقاطعة التي سُميت لاحقًا بـ واشنطن دي سي، عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث أشرف على بناء العاصمة الوطنية الجديدة، وهي التي جاء تخطيطها على يد المهندس المعماري الفرنسي بيير لينفانت. ولأن جورج واشنطن عمل في فترة حياته المبكرة كمساح جغرافي هندسي، كان مهتم بالإشراف على تفاصيل بناء العاصمة الجديدة.
وقد وضع حجر أساس مبنى الكابيتول عام 1793م، وأشرف باهتمام على بناء البيت الأبيض، دار الرئاسة الأمريكي الرسمي، والذي بالمناسبة تم الانتهاء منه عام 1800م، أي بعد عام واحد من وفاة جورج واشنطن.
ومن ضمن الإنجازات نذكر الأزمات التي عصفت بالبلد فترة حكمه واستطاع تخطيها. ومنها أزمة عام 1793م بانتشار وباء الحمى الصفراء في فيلاديلفيا واخلاء السكان منها، وهو ما تم القضاء عليه بالقضاء على البعوضة الناقل الرئيسي للوباء.
تلتها تمرد عُرف بتمرد الويسكي، حيث خرج المتظاهرون بعدد وصل لستة آلاف، أنتهى بتعبئة ثلاثة عشر ألف جندي ضدهم.
تعرف على القصة وراء سور الصين العظيم من هنا.
لم يكن جورج واشنطن طليق اللسان ولا متحدثًا جيدًا، ولا يمتلك فكرًا مغايرًا نسبة لكلام المقربين منه، ولكنه كان مؤمن بأفكاره وبضرورة تحقيقها، شجاعته مذهلة وعاجز عن الخوف ويواجه الأخطار بلا اكتراث، كما أنه صلب في قراراته وغير مرتبك، ولم يجد في الرئاسة بذاتها هدفًا، بل القرارات والتغييرات المترتبة على هذا المنصب هي ما كانت تهمه.
وقد تعود مشكلة عدم طلاقته في الحديث أنه فقد أسنانه كلها عدا عن واحدة. واستخدم طقم أسنان بإمكانيات متواضعة نسبة لزمنه.
أما محل إقامته قبل توليه منصب الرئاسة وبعد تقاعده، فهو منزل في ماونت فيرنون تقع على أرضية تطل على مصب نهر بوتوماك، جنوب واشنطن دي سي حاليًا، وهي الأرضية التي ورثها بعد وفاة أخيه لورانس عام 1752م.
أما عن هواياته فكان يحب لعب البلياردو وورق الكوتشينة وصيد الثعالب. ويعشق الحفلات المنزلية، واحتساء شاي ما بعد الظهيرة في شرفة منزله المطلة على مزرعته وعلى فنادق منطقته.
وفي فترة توليه مناصبه السياسية كان نادر الجلوس مع عائلته لتناول العشاء، فإما يكون برفقة أعضاء الجيش أو الدبلوماسيين أو الوفود، وهو الانشغال الذي استوعبته زوجته فكانت كريمة في تفهمها واحتوائها له.
لم يرزق واشنطن بالأطفال قط، وقد وجد في ذلك تعويضًا له بأن أصبح أب لبلاده ووطنه، وهو اللقب الذي بقي ملازمًا له في حياته ومماته.
شعر جورج واشنطن بتراجع قواه الجسدية، والرغبة في إيجاد وقت فراغ له ولعائلته، فرفض فترة ولاية ثالثة. حيث ترك الرئاسة عام 1797م. وتفرغ لحياته الخاصة، يرعى عبيده ويهتم بمحصول ما زرعه في حياة هادئة بعد ان قدم لبلده ما قدم.
يليها بعامين في الرابع عشر من شهر ديسمبر العام 1799م على أرض شهدت مولده فرجينيا حيث كانت في حينها مستعمرة بريطانية، سلم روحه بسلام ورحل عن عالمنا بعد أن حرر فرجينيا وبلده وخلق منها دولة مستقلة، وذلك عن عمر ناهز السابعة والستين عامًا. وقد استمرت مراسم إحياء جنازته لأشهر بعد وفاته.
أما جون آدامز، الرئيس المنتخب بعده، قال عن وفاته “بلادنا اليوم حزينة على رحيل والدها“. أما هاري رفيق دربه القديم في الجيش، وحاكم فرجينيا لاحقًا فقد قال عنه المقولة الأشهر “كان الأول في وقت الحرب، والأول في وقت السلم، والأول في قلوب مواطنيه“.
يُذكر أن وفاته كانت فجائية، ففي الـ 12 من ديسمبر، وبعد عودته من جولة على خيله في جو بارد يتساقط معه الثلج، عاد للمنزل منهكًا وشعر بتمزق في حنجرته ونزف من فمه بشده. وقال عن هذه اللحظات لأفراد عائلته والأطباء من حوله “إنني أنازع الموت بشدة، ولكنني مع ذلك لست خائفًا من الذهاب.
لا تبذلوا جهدًا معي اتركوني أذهب لا أستطيع أن أستمر طويلًا“، ورحل بعدها بساعات. تاركًا خلفه دولة مستقلة وعائلة ومنزل ومزرعة ومكتبة كبيرة لم يجد الوقت الكاف لقراءتها كلها. وعلى الرغم من تعليمه المتواضع بدايات حياته، إلا أن مستواه العلمي لا بأس به في فترة انتشار الأمية في أمريكا.
في فترة العنصرية التي شهدتها الولايات المتحدة، كان جورج واشنطن لازال لم يتحرر بعد من فكرة العبيد، فامتلك عدد من العبيد، عشرون منهم ورثهم عن والده، وحافظ على سياسة بلده التي نصت على حماية امتلاك العبيد المقرة من الكونجرس. حيث على الرغم من إنجازاته الكثيرة، ظلت فكرة العبودية قائمة في فترة حكمه.
ولكن وبتقدمه في السن تغيرت نظرته، وهو الذي نادى بالحرية والمساواة وبناء دولة مدنية حديثة. فعبر عن ذلك في رسالة لابن اخيه عام 1797م، حيث قال فيها “اتمنى من قلبي أن يقوم المجلس التشريعي لولاية فرجينيا بوضع سياسة للإلغاء التدريجي للعبودية … سيمنع هذا الكثير من الأذى في المستقبل“.
أما في وصيته فقد وصى أن يُعتق الـ 316 عبد الذين يملكهم، ومنحهم حريتهم بعد وفاة زوجته، لكن زوجته وبدروها نفذت الوصية وهي لاتزال على قيد الحياة حتى تطيب روحه في مثواها الأخير.
وبالفعل بعد ستين عامًا من وفاته، غرقت الولايات المتحدة مجددًا في حرب أخرى بسبب العبودية وتأذت البلاد منها كثيرًا، الشيء الذي تنبأ به واشنطن قبل وفاته.
صُنف جورج واشنطن من قبل الباحثين والمؤرخين كأحد أعظم رؤساء الولايات المتحدة. فهو الاسم الذي ظل خالدًا في ذاكرة الولايات المتحدة السياسية والنضالية.
وتكريمًا لهذه المسيرة الطويلة، صُنعت له العديد من النصب التذكارية، واللوحات الفنية، وسُميت على اسمه العديد من المواقع الجغرافية والمدن المهمة. وسُمي 26 جبلًا باسمه، و740 مدرسة،
وعشرات الكليات والجامعات، و155 بلدة ومقاطعة، والكثير من الجسور والمتنزهات والمعالم المهمة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى اسم العاصمة ومقر الحكم الرئيسي التي سُميت باسمه، واشنطن دي سي.
كما وطُبعت صورته على العديد من الطوابع البريدية، وعلى الدولار، وعلى عملة الـ 25 سنت.
وصُدرت الكثير من المؤلفات التي تناولت حياته ومسيرته السياسية والاجتماعية، وتناولت قصص يقال أنها ملفقة ومن بنات أفكار كتابها.
كما وصنفه المؤرخون كواحد من أعظم قادة العالم، بجانب أسماء مثل: القيصر، والاسكندر المقدوني، ونابليون بونابرت، وغيرهم.
أما محليًا فقط صُنف ضمن أعظم ثلاثة رؤساء في تاريخ أمريكا، بجانب إبراهام لنكولن الذي انتصر على الحرب الأهلية الأمريكية، وفرانكلين روزفلت الذي قاد بلاده في فترة الكساد الكبير للنصر في الحرب العالمية الثانية.
كما وتحتفل الولايات المتحدة الأمريكية بعيد ميلاد جورج واشنطن في 22 من فبراير من كل عام.
“إن سيري باتجاه رئاسة الدولة مصحوب بمشاعر لا تختلف كثيرًا عن مشاعر الجاني الذي يذهب إلى مكان إعدامه”.
“إنني أنبذ كل انتهاك للدستور، وإذا كان الدستور معيبًا، فليتم تعديله، ولكن لا يُداس عليه في وجوده”.
“بما أن السيف كان الملاذ الأخير للحفاظ على حرياتنا، فيجب أن يكون أول من ينحى جانبًا عندما يتم ترسيخ هذه الحريات”.
“إن الضمير هو شرارة الضوء السماوية التي تعمل على إبقاء الحياة داخل صدرك”.