في هذا المقال سنناقش أشهر كتب غسان كنفاني ولكن قبل ذلك فلنتعرف على تفكير الكاتب وما كان يفعل.
ما فائدة الفن إذا لم ينعكس على حياة الناس؟ إذا لم يحرك المياه الساكنة؟ إذا لم يكشف الظلم ويعري الضمائر؟ ما قيمة الفن إذا لم يكن جزءً فعالاً في المجتمع؟ ما قيمة الفن إذا لم يكن أداة لمناهضة الظلم والظالمين وكبح جماح المتجبرين ووسيلة لإبراز الوجه القبيح للمتكبرين؟ ما قيمة الفن إذا لم يكن سبيلاً لترسيخ القيم الفاضلة ومجازاة السلوكيات الكريهة؟
هذا بالضبط الذي حاول أن يفعله غسان كنفاني من خلال أعماله الأدبية الخالدة التي لطالما كانت شعلة مضيئة ودعوة شجاعة للكفاح والمقاومة ضد المحتل الغاشم الذي استنفذ ثورات الشام وحول دوله إلى خراب،
حيث استطاع أن يشعل الحماسة في قلوب الشباب وأن يوقظ ضمائر العرب ويفتح عيونهم على المآسي التي عاشها الشعب الفلسطيني على يد الاحتلال الصهيوني الغاشم من خلال أسلوبه السلس والشيق وعباراته القوية الجزلة وكتاباته المتميزة التي تدفق مباشرة إلى العقل والروح.
اليك ايضاً مقال عن اقتباسات غسان كنفاني من هنا.
يعد غسان كنفاني أحد الكتاب الذين وهبوا أعمالهم وسخروها لمبدأ وهدف نبيل سعى دوماً لتحقيقه، ولهذا نستعرض معكم من خلال السطور التالية بعضاً من أعماله الرائعة التي تتفاخر بها المكتبة العربية.
“إن أكبر جريمة يمكن لأي إنسان أن يرتكبها كائناً من كان، هي أن يعتقد ولو للحظة أن ضعف الآخرين وأخطاءهم هي التي تشكل حقه في الوجود على حسابهم، وهي التي تبرر له أخطاءه وجرائمه”.
من أشهر كتب غسان كنفاني رواية عائد إلى حيفا وتعد إحدى أبرز أعمال غسان كنفاني وأهمها على الإطلاق، وقد نُشرت سنة 1969. وتدور أحداثها حول قصة أسرة فلسطينية تعرضت مدينتها للقصف الإسرائيلي، فاضطرت الأم أن تخرج للبحث عن زوجها وسط الحشود المفزوعة وتركت خلف ابنها الرضيع،
اضطرا الزوجين إلى النزوح من حيفا هرباً من الموت وتمر السنوات وتقرر الأسرة العودة من جديد إلى أرضها لتتفاجأ بأن ابنهما الرضيع قد صار شاباً يافعاً، ولكن لسوء الحظ تشاء الأقدار أن تتبناه أسرة إسرائيلية قد استوطنت البيت وقامت بتغيير اسمه إلى دوف، لتتعقد الأمور أكثر عندما يعرف الفتى الحقيقة ويقرر البقاء مع الأسرة الإسرائيلية.
وقد تحولت الرواية إلى عدد من الأعمال الدرامية والمسرحية مثل فيلم عائد من حيفا الذي حصد أربعة جوائز عالمية، وفيلم المتبقي وهو فيلم روائي طويل صدر عام 1994.
“أريد أن أستريح، أتمدد، أستلقي في الظل وأفكر أو لا أفكر، لا أريد أن أتحرك قط. لقد تعبت في حياتي بشكل أكثر من كاف! أي والله أكثر من كاف”.
عندما تقف صرخة بينك وبين النجاة، عندما تخذلك قوتك في أحرج الأوقات، عندما تعجز عن التشبث بالحياة، كلها أسئلة تصارعت في عقول قراء رواية رجال في الشمس والتي تعد إحدى أعمال كنفاني الخالدة التي تمتلئ بالمآسي والعذاب والآهات المكتومة،
وهي من أهم كتب غسان كنفاني وتدور أحداث الرواية حول ثلاثة أشخاص يحاولون الهروب من ظروف الحياة القاسية في فلسطين باتجاه الكويت، حيث الثروة والنفط وسبيلهم في ذلك شاحنة نفط، إلا أن القدر يشاء أن يريحهم من عذاب الحياة وهمومها فيلقون مصرعهم بداخل الشاحنة وتحت الشمس الحارقة دون أن يصرخوا صرخة ينجون بها فهولاء هم رجال في الشمس.
وتعد الرواية ثاني كتب غسان كنفاني التي تتحول إلى عمل سينمائي، حيث أنتجت المؤسسة العامة للسينما بدمشق سنة 1973 فيلماً يحمل اسم الرواية وقد تم اختياره كواحد من أهم مائة فيلم سياسي في تاريخ السينما العالمية.
اليك أيضاً أفضل الأدباء الفلسطينيين تعرف عليهم من هنا.
” أريد أن أقول لك شيئا – ماذا؟ – صحيح أنه انهيار عصبي … ولكن ليس هنا – أين إذا؟ أشار الى صدره وقال بهدوء : – هنا – الانهيار العصبي لا يحدث هنا قط – من قال ذلك ؟ – الأطباء – إنهم مجانين”.
على الرغم من تمحور جميع كتب غسان كنفاني حول القضية الفلسطينية إلا أنها استطاعت أن تحدث صدى واسعاً في الأوساط العربية والعالمية، وكان من أهم هذه الأعمال رواية أرض البرتقال الحزين وهي عبارة عن مجموعة قصصية تعكس مجموعة من أبعاد القضية وترسم لنا بعضاً من المآسي التي يحيى الفلسطينيين في خضمها،
كما تبرز لنا وجوهاً شجاعة تضحي بأنفسها في سبيل إيمانها بالقضية، أرض البرتقال الحزين لن تسكن يوماً ولن يهدأ الصراع المحتدم بداخلها، وتتناول القصص قضايا مختلفة تتعلق بحياة المواطن الفلسطيني منها التهجير واللجوء في أبعد من الحدود والتجريد من الأسلحة في قصة السلاح المحرم وغيرها من القصص الأخرى.
“الحبوس أنواع يا ابن العم! أنواع المخيم حبس وبيتك حبس والجريدة حبس والراديو حبس والباص والشارع وعيون الناس.. أعمارنا حبس والعشرون سنة الماضية حبس والمختار حبس تتكلم أنت عن الحبوس؟ طول عمرك محبوس”.
لطالما كان يبحث كنفاني في رواياته عن الشخصية الفلسطينية المتكاملة التي تحمل السلاح وترفع راية النضال ضد العدو الغاشم، وقد وجد ضالته في رواية أم سعد التي صدرت في بيروت سنة 1969، فهي من كتب غسان كنفاني التي تعد نقطة تحول في مساره الأدبي، حيث اختلفت الرواية في مضمونها وهدفها عن الروايات التي سبقتها،
فتجد فيها شخصية الفلسطيني الفدائي الذي يشتعل غضباً منتظراً الفرصة السانحة للنيل من أعدائه. وقد سلط الضوء من خلال الرواية على الطبقة الكادحة المسحوقة التي تكافح حتى تعيش، وقد تمثلت في شخصية أم سعد الأم الفلسطينية الشجاعة التي تلد وتدفع أبنائها في ساحات النضال والجهاد، وقد اعتبرها العديد من النقاد نقطة تلاقي لروايات كنفاني،
والتي يشكل فيها شخصية الفلسطيني الجديد الذي أيقن أن سبيله الوحيد للتحرير هو البندقية ولا مفر من ذلك.
“أنت لا تستطيع أن تسأل مقاتلاً لماذا تقاتل؟ كأنك تسأل رجلاً لماذا أنت”.
مجموعة قصصية على الرغم من قصرها إلا أنها استطاعت أن تلهب المشاعر والأحاسيس كعادة كنفاني الذي لطالما أسر القراء بسحر قلمه وأسلوبه الشيق، عن الرجال والبنادق من أشهر كتب غسان كنفاني، مجموعة قصصية تسطر لنا بعضاً من مظاهر الكفاح الفلسطيني ضد المحتل،
ترسم لنا صورة من الأفكار التي تتصارع في عقل الفلسطيني بين التضحية والحب بين قلة الحيلة والسعي إلى التحرر، عن الرجال والبنادق يروي فيها كنفاني قصصاً عن حب الوطن، عن الكرامة، عن الكفاح، وعن الشرف والمروءة.
تعرف على أفضل كتب فلسطينية في هذا المقال.
“إلي متى تحسب أنك تستطيع أن تواصل على هذه الصورة؟ قال وهو يسند رأسه علي كيس المتفجرات: إلي أن نعود”.
القميص المسروق هي مجموعة قصصية كتبها غسان كنفاني على فترات متباعدة وفي أماكن مختلفة، يتحدث فيها عن الجبناء الذين يخونون الوطن ويتعاونون مع الأعداء نظير حفنة من الأموال،
وبعضها يسطر قصص الشجعان الذين لم تغرهم الحياة وعكفوا على حمل السلاح والدفاع عن الوطن ضد العدو الغاشم وشعارهم “ليس المهم أن يموت الإنسان لكي يحقق فكرته النبيلة، بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل أن يموت”.
” إن الصمت لا يكون بلا صوت وإلا لما كان ولما صار بالوسع أن يحس على هذه الصورة الفريدة، المفعمة بالغربة والوحشة والمجهول”.
تدور أحداث الرواية عن عائلة فلسطينية نزحت من يافا إلى غزة بعد أن استوطنها اليهود، والشخصية الرئيسية في الرواية هو “سالم”، الشاب الفلسطيني الذي تشتعل نيران الغضب في صدره ويبحث عن الخلاص، وأخته “مريم” التي فقدت كل شيء في لمح البصر وتحطمت أحلامها أسفل بقايا الرصاص،
وأما الشخصية الثالثة هو “زكريا” الشاب الخائن الذي كان يتعاون مع الصهاينة والذي انتهز فرصة غياب سالم وقام باغتصاب أخته مريم لينتهي به الحال مقتولاً على يدي مريم.
“الآن نحن بلا درع، ولكننا نخوض في شوك الزمن وفي ناره وفي أمديته، بصدور مشرعة عارية تطعم لحمها لذلك الارتطام المخيف مع المجهول”.
تعد رواية العاشق من أفضل كتب غسان كنفاني وهي عبارة عن ثلاث روايات لم يشأ القدر أن يكملها غسان ويضع لنا النهاية المناسبة لكل منها، إلا أنها أمتعت جميع من قرأها وتركت بداخله العديد من علامات الاستفهام، (العاشق – برقوق نيسان – الأعمى والأطرش) صورة رسمها كنفاني بعيون دامعة ونفس ثائرة فاستطاع أن يأسر قلوب قرائها برغم من النهايات غير المكتملة،
وهذه هي عادة كنفاني الذي يستطيع أن يعبر عن المآسي والآلام في بضعة صفحات.
إلى هنا نصل إلى ختام مقالنا والذي تناولنا من خلاله بعض من كتب غسان كنفاني، والتي تعد غيض من فيض إبداعه الوفير، نرجو أن نكون قد أفدناكم ولو بالقدر اليسير.