سنقدم لكم في هذا المقال مقارنة بين كتاب أنا شهيرة وأنا الخائن، الثنائية الأشهر في عالم الروايات الحديث، ربما إن ذُكرت في إحدى الجلسات بين القراء أو محبين مشاهدة التلفاز سوف يتصادف من يتعرف على اسم شهيرة بطلة قررت الإعلان عن قصتها لسيدتها المفضلة الأديبة نور عبد المجيد قصة واقعية بأحداث كبرى مر بها عاشقان ثم زوجان،
تعرف ايضاً على مراجعة كتاب مطلوب حبيب من هنا.
ليطلق القطار صافرة وصول رحلتهم إلى طريق مسدود، كيف وصلوا إليه؟ وأين بدأت شرارة الانتقام، وهل الماضي يؤثر على قرارات المستقبل؟ لذا دعونا أولا نتجول بين صفحات ثنائية أنا شهيرة وأنا الخائن لنسترجع ملامح وأحلام شهيرة، وماضي رؤوف عبدالجواد.
الحب والعدل والكرامة ثلاث كلمات تربّت عليهم شهيرة مدحت عبدالرحمن، ابنة رجل لم يبخل عليها يوما بحنانه وعطفه وامرأة أفنت عمرها وراحتها في تربيتها حتى حان موعد رحيلها عن شهيرة ذات التسعة عشر عاما، قصة تتشابه مع زهرة – أيبوميا – ببراعم بيضاء تتفتح ليكسوها اللون الأزرق الناصع أو الأرجواني.
شهيرة ذات البرعم الأبيض تلقي الشمس بحرارتها الأولى عند عتبة خالها حين قررت الذهاب إلى الشرقية للمطالبة بحقها في ميراث والدتها، لتتحطم آمالها بعد إخبارها أن أمها لا تمتلك حق في ميراث والدها. تخرج شهيرة من بعد الصدمة الأولى وهي تقسم بأنها لن تدع يومًا أحدًا آخر يسلبها حقًّا من حقوقها، دون أن تسلبه هي أيضًا ما يحطم له قلبه، وتئن له روحه!
تمر الأيام وشهيرة تركض بين أروقة الجامعة وأداء دور أمها وخوض امتحانات العام الأخير، بينما والدها ينهي إجراءات خروجه على المعاش وينهي إجراءات بيع قطعة أرض صغيرة هي ماضي طفولة ورفات صبا، أراد منها شراء مستقبل لابنته الوحيدة.
من مقارنة بين كتاب أنا شهيرة وأنا الخائن أن تروي نور عبدالمجيد كيف انضم زياد إلى المشهد صديق، من ثم في محاولة صادقة من طرفه وحده الأخذ بزمام الأمور والانتقال خطوة من دائرة الصداقة إلى الحب لكنها شهيرة لا تراه غير فرد من عائلتها وسوف يظلان كذلك لما تبقى لهما من العمر!
الأقدار ترسم طريق المستقبل الذي سينضم إليه رؤوف قريبا عن طريق صيدلية ودواء صرع يكتشف زياد أنه فقط قطع حلوى ملونة لمرضى الصرع، ليقرر هو وشهيرة معا الذهاب من أجل مقابلة توفيق عبد الجواد رئيس شركة الأحرار. بسبب تلك الحادثة تتطور القصة إلى علاقة متبادلة بين طرفين، تتعرض إلى ضغوطات واختبارات متتالية في محاولة من الزمن لمعرفة مدى صدق حبهما؟
طفل صغير تربى على مبادئ قويمة أراد جده زرعها به، وحنان أمه وقسوة أبيه، عاش في محافظة امتلك فيها الجد نصف أراضيها شهد على استجداء والدته الحب من أبيه وصد جميع محاولاتها، ووقوف الجد حارس لقصة حب لم يكتب لها الولادة للامتناع عن ضخ الأكسجين المتمثل في المشاعر الذي يغذي العلاقات الإنسانية،
حتى وصلنا مع الكاتبة نور عبد المجيد إلى ذكرى حزينة تركتها والدة رؤوف وقال عنها:
“رحم الله جدي ورحم أمي ورحم كل الأتقياء.. رحمهم برحيلهم، قبل أن يشهدوا كيف تتحول الهدايا التي يخلفونها وراءهم إلى سيوف تطيح بالرؤوس والأعناق.”
في القصة الثانية يرتدي القارئ نظارة طفل صغير يرى الدنيا معه من مَنظُوِرِه وحُكمِهِ على الأشخاص قبل الظروف، وتنصيب نفسه القاضي والجلاد لذاته قبل الجميع، نرتحل معه من الشرقية إلى القاهرة نستمع إلى نجيب رؤوف الذي تغذت مشاعره على كره والده ورؤيته كقاتل حرم صغيرين من حنان الأم،
تعلقه بأخيه وملء أذنيه الصغيرتين بجريمة أرتكبت، رفضه اللعب مع من في مثل عمره اعتقادا منه بأن القدر اختاره وحكم عليه بالكبر قبل أوانه.
اليك ايضاً مراجعة كتب خواطر شاب في هذا المقال.
ليقف القارئ ويتسأل هو الآخر عن أخطاء ارتكبها نتيجة ضغط مارسته الأقدار، لذا ربما إن عاد به الزمن لهرول إلى إصلاحها؟ لكن هل حقا سوف تتغير نظرتنا ومشاعرنا ونصدر أحكامًا مختلفة إن عدنا؟
يقع حادث بين الشقيقين، فتح عيناي رؤوف على جنون زرعه في صغير العائلة، تشتت داخلي بين حبه لأمه وقسوة أبيه المقتصرة على ماضي عاشه في بيت جده.
الأب يبتعد عن كل الذكريات لكن قلبه لا يغفر لعقله ابتعادهم عن جذورهم، شيد فيلتين صغيرتين على مساحة ثلاثة فدادين في المنصورية تخلوان من النساء، خطط لكل شئ دون الرجوع إلى آخرين، أراد لأبنائه أن يحذوا حذوه فصنع من الأجازات الصيفية فرصة يتعلمون فيها كيف تدار الشركات والأقسام، كل ما فعله زاد مرارة الشعور باليتم في حلق رؤوف.
ثم يبدأ فصل جديد الوجه الآخر من قصة أنا الخائن يصادف شعلة صغيرة أذابت نيرانها الضعيفة جدران ثلجية شيدت بين ثنايا روحه لكن سوف يستعر لهيبها في مستقبل قريب تتكالب فيه كل الذكريات بحياتهم الزوجية.
زهرة عائلة صفوان كما أطلقت على نفسها في أول لقاء يجمع بينها وبين رؤوف عبد الجواد، نور عبدالمجيد تجعلنا قريبين لقصة حب لن تكتمل، ماضي ساعدها في الاشتعال وهو من يخمدها، فكيف انتقل العصفور الصغير من عائلة صفوان إلى عائلة مدحت عبدالرحمن؟
وهل أحب شهيرة بصدق ولماذا أطلق على نفسه أنا الخائن، وإن كنت على صداقة بالأبطال فهل يشكل الماضي قرارات المستقبل؟
الخيانة بكل صورها لا مبرر لها خاصة إن كان فاعلها في كامل قواه العقلية ويعي خطورة ما يقدم نحوه. الندم والتوبة يرممان الأخطاء، القلوب وحدها لا يمكنها العودة كما كانت.
في مقارنة بين كتاب أنا شهيرة وأنا الخائن تميزت ثنائية أنا شهيرة.. أنا الخائن أنك تستطيع قراءة القصة من على لسانين يلتقيان عند نقطة أفترشت بطول خط مستقيم سارا فيه سويا – كلا يرى بعين طبعه – لتغوص نور عبد المجيد في أغوار النفس، تنبش عن ماضي بمراحل عمرية مختلفة، وفي النهاية نترك الحكم للقارئ بعد أن يتعلق بطريقة سرد حالمة ويزور أماكن لم تطأها قدمه من قبل بل سافر إليها بخياله،
متحيزا أو نافرا من انفجار دوى صداه في نهاية القصة الأولى ليلتهم القصة الثانية مندفعا تقوده غريزة الفضول والتعاطف، مستشعرا ما يحدث، يحاول فهم ما بين السطور. في النهاية هي ملحمة روائية شجية كتبت ببراعة مؤلمة تترك القارئ متسائلا، وتجربة تستحق أن يخوضها من يودون التعرف على الكاتبة أو الانقطاع عن ضجيج العالم والسفر إلى قصص كتب لها البقاء حية.
“في الحب والسعادة لا مناطق وسطى إما نبقى أو ننسحب”
– أنا الخائن
“الدموع حين تسقط قد تؤلم .. قد تحرق عينيك .. و قد تحرق كبرياءك لكنك حين تسلسلها داخل عينيك ألمها دوما أكبر ..”
– أنا شهيرة
“أما الكتب.. أما السطور التي نهدأ جميعا عند تجول أعيننا و أرواحنا عليها .. الكتب .. الشيء الوحيد الذي نختاره بما يحاكي ضمائرنا، ويوافق رؤوسنا”
– أنا الخائن
“علمتني الأيام أننا مهما علمنا ومهما تعلمنا يبقى ما نجهله دوما أكبر”
– أنا شهيرة
“قليلون هم من يتألمون لشجرة يتم اقتلاعها من جذورها.. قليلون جدا من يدركون كيف تتألم تلك الأشجار، التي نقتلعها من أرضها، وإن كنا نفعل لنزرعها في مكان آخر أكثر جمالا ورونقا”
– أنا الخائن
اليك ايضاً مراجعة رواية سارة من هنا.