مكتبة الإسكندرية صرح ثقافي هائل يعد منارة للعلم ومنبر للمعرفة للعالم بأسره منذ عصور ما قبل الميلاد حيث كان شعاع لنور الاطلاع وضياء الكلمة ومؤسسة ضخمة تبث الثقافات المتعددة والأنشطة المتنوعة يحتوي على مليوني كتاب بستة لغات مختلفة العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية، الألمانية.
كما تحتوي على الآلاف من المخطوطات الأثرية والكتب التي كتبت بلغات غريبة و نادرة مثل لغة الكريبولية، ولغة هايتي، زولو إنها: مكتبة الإسكندرية التي تضم أفضل الكتب وروايات جميلة للقراءة في مختلف التخصصات.
فكرة طرأت على الإسكندر الأكبر منذ ثلاث وعشرين قرن ربما لم ينفذها بذاته ولكنها تحققت لتضيء للعالم بأكمله نور المعارف وضياء الكلمة.
وربما كان القدر هو صديق ذلك الحلم الوحيد من أحلام إسكندر الأكبر فقد حلم بأن يحكم العالم من شرقه الى غربه ويبني في كل دولة مدينة تحمل اسمه وبناء صرح ثقافي ضخم يبث العلم والمعرفة للعالم.
ولكن وافته المنية قبل إتمام طموحه ويلقي القدر بحلميه الأول والثاني في شاطئ البحر ويخلد التاريخ حلمه الثالث عبر العصور والأزمان.
اختلف المؤرخون على الحاكم الذي أنشأ مكتبة الإسكندرية هل بطليموس الأول أم بطليموس الثاني ولكنهم اجتمعوا على إنشائها خلال العصر البطلمي في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد عام 285-247 قبل الميلاد لتظل قائمة قرنين من الزمان إلى أن تم حرقها في عام ٤٨ قبل الميلاد.
وتعتبر أقدم مكتبة حكومية عامة في العالم القديم حوت حوالى ٧٠٠٠٠٠ مجلد يتضمن كتب الحضارة الفرعونية والإغريقية وكبار الفلاسفة والعلماء والمؤرخين.\
أمثال هوميروس، أرسطو، إقليدس، أرشميدس وأيضًا فتحت ذراعيها لكافة العلماء من جميع أنحاء العالم ليقوموا بالتدريس فيها ووضع مؤلفاتهم بين أرففها لتكون متاحة لأي طالب علم دون أي تفرقة عنصرية لجنس أو لون أو مستوى اجتماعي.
تكونت المكتبة عند نشأتها قبل الميلاد من مؤسستين، الأولى مؤسسة الميوسيوف والتي تعني المتحف، والذي يقيم فيه العلماء المتخصصون في كل الفنون، والذي كان يقع قديمًا في معبر السرابيوم وهو حي كرموز حاليًا، بجوار عمود السواري ويعتبر مزارًا سياحيًا أثريًا إلى الآن.
الجزء الثاني هو المكتبة التي تضم الآلاف من لفائف الكتب، والموسوعات ويقع في الحي الملكي في منطقة الشاطبي بجوار شارع سوتر و سوتر هو لقب الملك بطليموس الثاني الذي بلغت المكتبة أوج ازدهارها في عصره.
ويعتبر ذلك المكان هو الذي تم فيه إحياء بناء “مكتبة الأسكندرية” في العصر الحديث في عام ٢٠٠٢ ميلادية ليقصدها الزائرين من جميع أنحاء العالم.
اختلف المؤرخين حول المتهم الأساسي وراء حريق مكتبة الإسكندرية، ولكنهم اجتمعوا على اختفائها واندثار ملامحها كاملة منذ عام ٦٤٢ ميلادية.
وقد ذكر البعض أنها حرقت عن طريق الخطأ في عام ٤٨ قبل الميلاد حينما حاول بطليموس الصغير الثالث عشر شقيق كليوباترا الأصغر محاصرة أسطول يوليوس قصير مما دعا الأخير إلى اشعال النيران بمائة سفينة في الميناء .
ووصلت نيران الحريق الى المكتبة والتهمت ما يقرب من ٤٠٠ ألف مخطوطة، إلا أن قيصر حاول تعويض تلك الخسارة وإرضاء كليوباترا بإحضار مائتي ألف مخطوطة من اليونان ووضعها في المكتبة.
القصة الأخرى ترددت حول “عمرو بن العاص” حين فتح مصر في عهد “عمر بن الخطاب” في عام ٦٤١ ميلادية وأنهى الحكم البيزنطي في مصر، فقام بحرق المكتبة نظرًا لاحتوائها على كتب تخالف الشريعة الإسلامية ولكن كثير من المؤرخين نفى تلك الشائعة عن عمرو بن العاص.
لم يحسم الكتاب والمؤرخين أسباب حريق المكتبة وهل كان مفتعلًا أم كان غير مقصودًا، ولكنهم أجمعوا على أنها غابت عن إحياء شمس المعرفة في العالم لمدة تقرب من عشرين قرن إلى أن تم افتتاحها في السادس عشر من أكتوبر عام 2002.
مكتبة الإسكندرية هي مشروع ضخم تم تأسيسه على مساحة ثمانين ألف كيلو متر مربع ومكون من إحدى عشر طابق، تقع في منطقة الشاطبي بالإسكندرية الذي كان يدعي الحي الملكي في عصور قبل الميلاد.
حلم لكثير من عشاق القراءة ومحبي الثقافة تم افتتاحه في 16 أكتوبر عام ٢٠٠٢ بالتعاون بين مصر وهيئة الأمم المتحدة وتحت رعاية محافظ الإسكندرية فى ذلك الوقت اللواء محمد عبد السلام محجوب، كما تولى رئاستها د. إسماعيل سراج الدين ٢٠٠٢-٢٠١٧ ثم تولى الرئاسة د. مصطفى الفقي منذ عام 2017 إلى الآن.
هي رابع مكتبة فرانكفونية على مستوى العالم في ثراء مجموعتها باللغة الفرنسية، كما أنها تحتوي على سبع مكتبات متخصصة، إلى جانب متحف الآثار، ومتحف المخطوطات، متحف السادات، ومركز القبة السماوية، وقاعة المؤتمرات، وتسعة معارض دائمة، بالإضافة إلى تسعة مراكز بحثية.
في نفس السياق تقيم المكتبة آلاف الأنشطة الفنية والثقافية وورش العمل الى جانب تنظيمها المؤتمرات والمهرجانات المحلية والدولية والعالمية طوال العالم والتي من أشهرها: معرض الإسكندرية الدولي للكتاب، مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، مهرجان الأغنية الدولية.
مهرجان الفنون الصيفي الذي يمتد قرابة شهري الصيف “يوليو، أغسطس” ويقدم مختلف أنشطة واحتفالات الفنون.
تتبنى المكتبة عدد من المشروعات الثقافية الأدبية وتدعمها من خلال توفير الندوات والأمسيات مثل مشروع منتدى إطلالة، مختبر السرديات، مشروع القراءة الكبرى التي يقام فيها بصفة دائمة.. كما تقوم باستضافة كبار العلماء والشخصيات العامة والأدباء أمثال:
أحمد زويل، مجدي يعقوب، فاروق الباز، محمد طه، أحمد عمارة، أحمد خالد توفيق، أحمد مراد، عبد الرحيم كمال، مدحت العدل..” لعقد الندوات المجانية الجماهيرية التي يستطيع فيها الجمهور العام التفاعل المباشر مع المشاهير.
ليشعر كل زائر للمكتبة أنه من خلال تلك الرقعة البسيطة التي لم تتجاوز مساحتها مائة ألف متر مربع يستطيع أن يتفاعل مع كل عظماء ومشاهير العالم.
تضم المكتبة سبعة مكتبات متخصصة تقدم أنشطة متنوعة ومتميزة حيث تحتوي على:
مكتبة متخصصة للأطفال تشجعهم على البحث والاطلاع والقراءة وتقدم لهم الكتب والقصص التي تلائم عمر من “٦-١٢” سنة وتعدّهم لاستخدام المكتبة الرئيسية فيما بعد، وبالطبع سمعنا جميعاً عن مجموعة ورش مجانية للأطفال تنظمها مكتبة الإسكندرية.
وهي تقدم كتب وقصص ملائمة ومخصصة لعمر من ١٢-١٦ عام كما تقدم المكتبة عدد كبير من الأنشطة الثقافية والفنية من ورش مسرحية وموسيقية وورش كتابة وقراءة وإلقاء.
تشتمل على أنواع مختلفة من الوسائل السمعية والبصرية التي تغطي موضوعات متنوعة “دينية، سياسية، تسجيلية، سينمائية” بالإضافة إلى وسائل ذاتية لتعليم برامج الكمبيوتر واللغات المختلفة.
تحتوي على قاعة اطلاع للميكروفيلم التي تساعد الباحثين في الاطلاع على المخطوطات والكتب الخاصة والوثائق الى جانب الصحف المصرية منذ تاريخ صدورها إلى الآن.
وهي مجهزة بمعدات خاصة تمكن “ضعاف البصر” من التعامل مع الانترنت والاطلاع على الكتب الإلكترونية، كما أنها تحتوي على عدد كبير من الإصدارات المكتوبة بطريقة “برايل” وهي طريقة الخطوط البارزة الملائمة لقراءة ضعاف البصر.
تضم أكثر من سبعة آلاف خريطة تغطي جميع دول العالم بالإضافة إلى ٥٠٠ أطلس وعدد كبير من الكرات الأرضية في مكتبة الإسكندرية، وهي تتضمن أنواع مختلفة من الخرائط مثل تفريد المدن، والخرائط الجيولوجية، والخرائط الموضوعية، وخرائط الطرق والمواصلات.
أحد أقسام مكتبة الإسكندرية وهي تتضمن عدد كبير من الكتب النادرة التي تم طباعتها قبل عام ١٩٢٠، والكتب المهداة أيضا من ملوك ورؤساء الدول ومن هنا تعرف على مقتنيات مكتبة الإسكندرية النادرة.