يأخذنا يوسف زيدان في رحلة إلى قلعة الفردقان ليحدثنا عن مرحلة هامة في حياة الفيلسوف الطبيب ابن سينا حين اعتُقل إثر خلاف بينه و بين الأمير "سماء الدولة".
احصل علي نسخةيعود يوسف زيدان للرواية التاريخية ليحدثنا عن مرحلة هامة من حياة الفيلسوف الطبيب ابن سينا ، حيث يأخذنا في رحلة إلى قلعة الفردقان حيث اعتقل ابن سينا إثر خلاف بينه و بين الأمير “سماء الدولة” ، مكث على إثره خمسة عشر ومائة يوماً فى الإعتقال تحت إمرة المزدوج “منصور ” أمير قلعة فردقان الواقعة في صحراء قافرة لا منفذ فيها أو مفر ، لا يملك السجين فيها سوى أن يستسلم لمصيره وسجنه ، تبدأ الرواية بوصف ساحر للقلعة و لإستعداد أميرها لاستقبال معتقله الهام.
فالوضع مختلف عندما يكون السجين رجلا فيلسوفا عالماً مثل ابن سينا ، وعندما تسبقه إلى معتقله توصية هامة ” أكرمه ” هنا تختلف المعاملة بين السجين و السجان، تتحول إلى نوع من الصداقة المبنية على تقدير و احترام و نوع من الإشفاق ، ليجد ابن سينا نفسه فى فرصة جيدة لكتابة أجزاء من كتابه الطبي الهام ” القانون فى الطب ” و إنجاز ثلاثة كتب كاملة فى أيام إعتقاله تلك وهى ” الهداية ، رسالة القولنج ، رسالة حى بن يقظان ” ، و يجد السجان فرصة للقاء فيلسوف وطبيب قدير يساعده على علاج مرضى قلعته تلك البعيدة المعزولة التي لم يزرها طبيب يوما، فإذا بإبن سينا سيد أطباء عصره تقوده الأقدار إليها بدون سابق إنذار لينقذ أهلها و يداوى أمراضهم و تكون شاهدة على مجموعة من أهم كتبه .
و فى داخل معتقله يستعيد ابن سينا ذكرياته و أيامه مع والديه ابتداءً من مولده سنة ٣٧٠ هجرياً ، يتذكر أباه الأفغانى و ميوله الشيعية وأمه الخوارزمية و ميولها السنية، وكيف جمعت بينهما الأقدار حتى مولده فى بخارى و يتذكر أيامه قبل الإعتقال ما بين أصفهان وهمذان و ما وصل إليه من مكانة ، ثم مكر الفرسان و غضبهم عليه لكتاب ألفه (تدبير الجند و المماليك و العسكر ) فرأوا أن الكتاب يحرض ضدهم فحاولوا الإطاحة به مراراً و تكراراً حتى تحقق لهم ذلك و تم إعتقاله ، و أثناء تأليفه لكتبه داخل معتقله يسأل ابن سينا نفسه ” متى سينتهى هذا الكتاب (القانون)، إذا انتهى؟ ومتى سأنتهى من هذه الدنيا، ثقيلة الوطء سخيفة الإيقاع، وقد صارت ساعاتها مريعة، فلا مشتهى لى فيها، يشاغب باطني فيشغلنى حينا عن فنائي المحتوم. ولا مطلب يذهب عنى ولو بالخادعة، يقينى باقتراب خراب هذا العالم.. أعالج مريضا، فتفتك بالألوف الأمراض والحروب وهوس السلطة وسطوة السلطة!».
تلقى الرواية الضوء على العلاقة القوية وقتها بين العلماء و المثقفين من جهة و الأمراء و الحكام من جهة أخرى و عن أثر ذلك فى الحروب و المعارك القائمة حول السلطة والصراعات بين الحكام و الملوك من المسلمين و الشيعة و تأثر ابن سينا بتلك الصراعات حتى أنها كانت سببا من ضمن أسباب إعتقاله .
كما عكست الرواية الجانب الإنساني لإبن سينا و حزنه الشديد لما وصلت له الأمة من صراعات و خلافات حوله ، كما عرضت الرواية مجموعة من القضايا الهامة التى شغلت الأمة و العلماء فى تلك الحقبة الزمنية .
تعتبر فردقان واحدة من أشهر روايات يوسف زيدان ، وصلت للقائمة القصيرة لجائزة الرواية العربية البوكر عام ٢٠٢٠.
يوسف زيدان يحرر ابن سينا من سجن «فردقان».. وقيود التاريخ أيضًا
تثير رواية «فردقان.. اعتقال الشيخ الرئيس» الصادرة حديثا عن دار الشروق، العديد من التساؤلات حول المعرفة التى يمكن أن تقدمها رواية تاريخية تدور حول سيرة الحسين بن عبدالله بن الحسن بن على بن سينا، أبو على الشهير بالرئيس ابن سينا (ولد سنة 370 هـ 980 م، وتوفى بهمذان سنة 428 هـ 1038 م). وتطرح الرواية كذلك سؤالا عن رؤية العالم كما أرادها مبدع الرواية يوسف زيدان المعروف بقدرته على إثارة الجدل حول أعماله.
ويزيد من الشغف بالعمل كون مؤلفه باحثا متخصصا فى التراث الفلسفى العربى، وروائيا حاصلا على جائزة البوكر العربية فى دورتها الثانية عن روايته ذائعة الصيت «عزازيل» فى العام 2010، وقد صدر له حتى الآن أكثر من ستين كتابا. تدور معظمها بين قضايا الأدب والبحث الفلسفى فى التصوف وتاريخ العلوم عند العرب.
ولعل واحدة من مميزات يوسف زيدان وأسباب شعبيته كونه يتخذ من التاريخ مادة روائية، فى محاولة لجذب الشباب لقراءة التراث الإسلامى والتاريخ بشكل صحيح. وليست تجربة التعرض لسيرة ابن سينا هى المحاولة الأولى لزيدان فى هذا الصدد، إذ سبق له تناول العديد من نصوص الفيلسوف الرئيس ابن سينا بالشرح والتحقيق، وله شرح لقصيدة ابن سينا العينية فى النفس، وله أيضا تحقيق لبعض النصوص الطبية والفلسفية للشيخ الرئيس.
وتركز الرواية على سيرة ابن سينا خلال فترة اعتقاله بقلعة تحمل اسم «فردقان» الموجودة بوسط إيران.
وكان سبب تعرضه للإقامة الجبرية قيامه بتأليف كتاب «تدبير الجند والمماليك والعسكر» للأمير أبو طاهر البويهى والد الأمير سماء الدولة وفيه وصفة لكيفية إدارة الحكم بإبعاد العسكريين، ويأتى ذلك على لسان «الزعاق» لابن سينا قائلا: «نصحت فيه الحاكم بإبعاد العسكر عن المدن، وعدم الإفراط فى عطاياهم. فكانت النتيجة أن الأمير تجهم فى وجوههم، وقلل من قدرهم، وقلص أرزاقهم. وأنت تذكر ما فعلوه بك أيامها، ولا يريد أن يتكرر مثل هذا الفعل الذى لا تؤمن عواقبة، خصوصا أنه على أبواب حرب مع «علاء الدولة» الذى يحبك ويقدرك. وهو أيضا يحبك ويقدرك. فوجد من الأصوب إبعادك عن همذان فى هذا الوقت، حتى لا تتفاقم الأمور».
يوسف زيدان يستخدم ابن سينا باعتباره مادة خصبة ليعبر بها عن آرائه فى ظل تلك الظروف التى يعيشها مجتمعنا، فالفيلسوف الكبير كان يمقت الحرب والتسلط ويجنح للسلم، ولطالما قال: «لا أمان للعلماء والفلاسفة فى كنف الأمراء والحكام».
يستخدم صاحب «عزازيل» آراء الشيخ الرئيس ليعيد طرح السؤال عن مشكلة النزاع الأزلى بين المثقف وحملة السلاح المتكتلين فى المصالح الشخصية فهم يتخذون الجهل بدلا من المعرفة ويحاولون قتل المثقف ومحاربته، عبر الهجوم الحاد على دار ابن سينا واتهامه بشتى الاتهامات.
وهنا يلجأ الأمير أبو طاهر لإصدار قرار نفى ابن سينا فى تلك القلعة المتطرفة فى آخر البلاد، وفى محبسة بـ« فردقان» يعكف الشيخ الرئيس على إنهاء كتابه «القانون فى الطب» وكذلك كتاب «الإشارات والتنبيهات» ورسالة «حى بن يقظان».
وتلجأ الرواية إلى التاريخ بحثا عن الذات الآنية، وربما بحثا عن دواء شاف للمحن والانتكاسات التى تتعرض لها الأمة أو لأجل التمنى والحلم بالانتصار خلال فترات الانهزام وتجاوزت ذلك فى العصر الحالى حيث أصبحت تجسد قضايا عالمية معاصرة بإسقاط ذاك الماضى على الحاضر وتفسيره.
والآراء التى يوردها زيدان نقلا عن نصوص ابن سينا يستعمل لها مجهرا دقيقا، لتدور فى سياقها التاريخى إسقاطا على واقعنا اليوم، تفعيلا لوزنها المعرفى، وهى بدورها تضى حقبة فى تاريخ الحضارية الإسلامية قائمة على مدى تقبل الآخر وحرية الأفراد وحقهم فى التعبير عما يروق لهم من آراء وأفكار وما يعتنقوه من عقائد والمساواة بينهم بإختلاف لونهم وعقائدهم.
ويستنطق زيدان شخصياته ساردا سيرة ابن سينا منذ مولده فى بيت يدعو للشيعة الإسماعيلية، مرورا بالترحال إلى مصر التى كانت وقتها تحت حكم الدولة الفاطمية، وعلى الرغم من دعوة أبوه للشيعة الإسماعلية فإنه كان يرفض أن يدعوا لها هاربا إلى المعرفة والطب والمنطق والرياضيات.
ويستمر السرد الزيدانى كاشفا عن واقعة حدثت لابن سينا حينما تلقى الدعوة مباشرة من حاكم بلدته للإسراع فى علاجه لفتى كانت حالته فى غاية التعقيد «كان يحبو على أربع متمثلا ببقرة ويصدر صراخا شبيها بالخوار حوله اذبحونى، اذبحونى!» فلما توجه إليه قعد بالقرب منه يمعن فى ملاحظة حالته وأمر قصابا ليتخلى له عن بدلته الملطخة بالدماء، ارتداها وأمسك برأس الفتى إلى الأرض يريد ذبحه، لكنه عدل بحجة أن البقرة عجفاء، سمع الشاب هذا فانهال من وقته يأكل بعد أن كانت نفسه تعاف كل المأكولات، ومضى عليه خمسة أيام وابن سينا يتابع تحسن حالته، ولم يعد يصدر تلك الأصوات، فأمسك بيده يريد قياس نبضه فاستدعى امرأة دائمة الحضور فى الأفراح وطلب منها رفع صوتها بأسماء الفتيات اللائى تشتهر بهن المنطقة، فلما أتت على ذكر اسم «زهوة»! لاحظ الشيخ الرئيس ارتفاع نبضه فعلم فيما بعد أنه وقع أثير مرض العشق، وقال علاجه فى الزواج من عشيقته، ولكن كان هناك تنافر فى المذهب الدينى بين أهلها وأهله، وعلى الرغم من ذلك أصر على أن تزف إليه كعروس.. وبهذا يستقيم أمر الفتى وينصلح حاله، وقال: «العلاج لا يستحضر العقيدة بين المريض وطبيبه».
وبحرفية بالغة يرسم زيدان شخصيات الرواية خاصة شخصية المزدوج إلا أنه يفرط فى تناول دور النساء فى حياة ابن سينا ويلجأ إلى كثير من الإسهاب، فهناك أكثر من جارية وثلاث نساء، تدخلت شخصياتهم فى حياة الشيخ الرئيس ليبرر بذلك مثلا كتابة كتاب «الإثم والبر» من خلال واقعة مع سندس التى كانت امرأه مطلقة وقد عشقتة قبل أن يولد… وتملكتنى الحيرة فى تقديم ابن سينا بهذا القلق… فهذا ليس الانطباع حين تقرأ مثلا كتاب الشفاء الذى نشرته وزارة المعارف العمومية بمناسبة الذكرى الألفية للشيخ الرئيس والذى حققه ثلاثة من الأساتذة الكبار وهم الأب قنواتى ومحمود الخضيرى وفؤاد الإهوانى، فلا شك أن هذا الرجل الواثق فى معطياته ويقينياته واثق فى قناعاته من خلال منطقه المنهجى الثابت.
لذلك نرى ابن سينا المتقلب فى منحيات السياسية والملذات والهوى العاطفى وقلبه الموزع بين ثلاث نساء وهن روان، سندس، ماهتاب.. والجسد المتقلب بين سياسات تتصارع على السلطة، وهو دائما ما تتملكة الحيرة فى معيشته وتنقله من مكان لمكان.
لا شك أن هناك إسهابا فى وصف النساء العاشقات اللاتى أذقن ابن سينا جرعة الحب والهوى، وهناك روان التى حزن لفراقها على إثر غارة ليلية استهدفت منزله فعاثوا فيه فسادا واقتادوا عشيقته جارية لعرضها للبيع بسوق النخاسة، ومن ثم انقطعت أخبارها، ومهتاب التى عرفها فى تلك القلعة وكانت ذات إلمام بعلوم الفلسفة والطب فأخذت تتعلم منه المزيد وتعينه فى التمريض، لكن خلال الساعات المتأخرة من الليل كان يهفو إليها وتهفو إليه، بدلا من التعليم والتعلم.
هناك نوعان من الرواية التاريخية: النوع الأول تعيدك فيه الرواية إلى التاريخ بكل تفاصيله وطقوسه وكأنها تردك إلى الحياة فيه، أما النوع الثانى فإنه يستعيد المناخ التاريخى فقط ثم يترك لنفسه قدرا من الحرية النسبية داخل إطاره هذا قول الأردنى محمد أحمد القضاة. وهذا هو ما لجأ اليه صاحب «ظل الأفعى» الذى يؤمن أن «اللغه هى البطل!» وهى كذلك بالفعل فى روايته، لكن اللغة لا تعمل بمعزل عن وجود بنية روائية متماسكة وهى هنا تعانى من مشكلات الإسهاب والتطويل، وتترك نفسها بالكامل لفاعلية البناء اللغوى وهى واحدة من أبرز أدوات زيدان الفنية، فلغته معجونة بالتصوف وغارقة فى البحث الفلسفى وهى ابنة لهذا المناخ التاريخى بامتياز وليست منفصلة عنه
لذلك بدت «فردقان» بمثابة حكاية سينمائية بلغة عذبة السهل الممتنع عن حياة الشيخ الرئيس أحد ألمع من أنجبته الحضارة الإسلامية.
هناك سؤال داهمني فور الانتهاء من قراءة رواية ” فردقان ” ، وهو لماذا لم يكتب الدكتور يوسف زيدان كتابًا عن ابن سينا – الشيخ الرئيس – بدلًا من كتابة رواية مفككة تفتقد لأصول البناء الروائي مثل رواية ” فردقان ” ! ربما لكون العمل الروائي هو الوسيلة الأسرع والأسهل لوصول الأفكار إلى قطاعات كبيرة وعريضة من الشباب .
رواية فردقان هي رواية سيرة ذاتية عن ابن سينا الذي تم اعتقاله لأسباب ” سياسية ” في قلعة ” فردقان ” حيث تمت معاملته بأفضل شكل ممكن يسمح به هذا المكان ، ومن ثم يشرع المؤلف في سرد حياة ابن سينا من خلال ” الفلاش باك ” مستعرضًًا حياته الشخصية والعلمية التي تشكّلت في ظل واقع سياسي ممزق عاشته الأمة الإسلامية بسبب ضعف الدولة العباسية وتمزقها لدويلات ذات سيادة إمّا تابعة إسمًا للدولة وإمّا منفصله كلية عنها .
الرواية ليس لها ” عقدة ” تدور حولها ، بل أنت كقاريء تنتظر ما سينقلك إليه ” ابن سينا ” من ذكرياته التي ليس فيها ما يجذب على الحقيقة ، بل ربما سيكون في انتظارك سطورًا من السرد الممل ليس فيه ما يجذب إلا جمال اللغة ، فاللغة هي اللاعب الأساس في الرواية من الناحية الأدبية ، أما من الناحية الأيديولوجية فكان اللاعب الأساس هو عرض أفكار ابن سينا الفلسفية في المعاد وفي الاتجاه الإشراقي لديه، وإن طغى الجانب الطبي في كثير من صفحات الرواية على هذا البُعد الفلسفي .
نظرًا للحالة الجافة في الرواية ، لم يجد الدكتور يوسف زيدان طريقًا للخروج منها إلا بتطعيم الرواية بالحالة النسائية من خلال سرد علاقة ابن سينا بسندس و روان وماهيتاب ، وإذا كانت روان هي ملك يمينه فإن سندس وماهيتاب عشيقاته ، وهو لم يتورع عن ممارسة الزنا مع ” سندس ” و ” ماهيتاب ” ، ولكن الصورة المقززة حقًا والغريبة عن طبيعة المجتمع الإسلامي في ذلك الزمن هي صورة الجنس الثلاثي بين ” سندس ” واثنين من عبيدها ! .
أيديولوجيا يوسف زيدان حاضرة في الرواية وبقوة ، سواء في انتصاره لآراء ابن سينا الفلسفية ، أو في موقفه السيء من قادة المجاهدين السنة ، فيبدو أن يوسف زيدان يؤدلج قناعاته الشخصية على لسان أبطال الرواية الذين هم بالمناسبة أعداء للفكر السني، بل منهم من لا يؤمن بحقيقة الرسالات السماوية كماهيتاب كما جاء على لسان ابن سينا ، ومن هنا فإن السلطان “محمود الغزنوي” -رحمه الله- ناله في هذه الرواية من الشتم والتهجم والبذاءة ما ناله على يد يوسف زيدان وأبطاله أعداء الفكر السني وعلى رأسهم ابن سينا .
وصف السلطان ” محمود الغزنوي ” على لسان ابن سينا بالسفاح الجهول ؛ بسبب هدمه دولة السامانيين وتخريب بخارى ، وكذا يصور فتوحاته في الهند بالوحشية، كما جعل السلطان عاشقًا للغلمان ، والواقع أن هذا افتراء على السلطان كما افترى من قبل على الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله ، فالسلطان محمود الغزنوي وصفه تاج الدين السبكي في طبقاته بأنه “أحد أئمة العدل” ، أما كل طعن في السلطان محمود فهو بسبب الرواية الشيعية التي يتعاطف معها زيدان ، فالسلطان كان شديدًا على الشيعة البويهيين في فارس ” الري وهمذان وأصبهان وقزوين ” ، ثم رفع راية الجهاد السني ضد ملوك الهند الوثنيين .
بالنهاية الرواية لا يميزها إلا اللغة ، وإذا كانت اللغة هي عامل من عوامل بناء العمل الروائي إلا أنها ليست كل العوامل ، فبرأيي سواء على مستوى الحوار- الذي كان يتم نقل منه فقرات من كتب ابن سينا- أو على مستوى الحبكة فشل هذا العمل في أن يقنعني أن ثمة رواية بين يدي ، أما عن الأدلجة فما يلقيه زيدان من أفكار على صفحته الفيسبوكية أو في حواراته التليفزيونية حاول أن يُضمّنه في هذا العمل.
المره الاولي التي اقرأ للكاتب يوسف زيدان وهو ومتخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه، له عدة مؤلفات وأبحاث علمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي
وما انتهيت من قرأه ذالك العمل الذي لا يصلح فيه ذكر روايه فهو اشبه بالسيره الذاتيه من تفكك أحداثه و افتقاده للحبكه الذي اطلق عليه اسم روايه لأنها الأقرب الي قلوب جيل الالفيه (من ولد بعد عام ٢٠٠٠ بعد الميلاد) الذي فضل اكثره الروايات عن الكتب وهذا الجيل اظن هو المستهدف من تلك الروايه جيل قلت معرفته بالتاريخ الإسلامي و ندر فيه الملم بالمذاهب الفقهية ومن وجه نظري الأعمال الروائيه هي اكثر خطوره من الكتب لأنها تضع قارئها في المناخ المناسب لتقبل الافكار المدثوثه في داخل العمل الروائي
بدأت أحداث الروايه من اعتقال الشيخ الرئيس ابن سيناء في قلعه فردقان وبدأت الأحداث في هيئه ذكريات لابن سينا
في تلك الروايه ذكر الكاتب حقبه تاريخيه تشرذمت فيها الدوله الاسلاميه الي دويلات صغيره دار بينهم حروب راح ضحيتها الكثير
من أكثر الأمور التي أثارت تعجبي في ذالك العمل فرض الكاتب يوسف زيدان أفكاره علي شخصيات الروايه حيث طعن في جميع المذاهب الفقيه واشتد ذالك مع المذهب السني حيث أظهر السلطان محمود الغزوني رحمه الله فاتح بلاد الهند سني المذهب في انه طامع في السلطه ووصفه بالسفاح وبحبه للغمان وكرهه للعلم والعلماء
العنصر النسائي في الروايه غير حقيقي وهذا بقول الكاتب وقد استخدمه لاضافه بعض التشويق للروايه التي ذادت سطحيتها حيث وضعت ابن سينا في موضع العاشق للنساء عشق مرضي
في نهايه المطاف ذالك العمل الذي خطّ في لغه فصحي رائعه ازدانت بتعابير قرأنيه بليغه دثت بداخلها افكار الكاتب الذي شكك بالسنة النبوية ، وهو يعتمد تقديم العقل على النقل، وهو ما نادى به قديماً المعتزلة، وجدَّدَها العقلانيون المعاصرون. ولا شك أن للعقل مكانةً عظيمةً بيّنها القرآنُ الكريم في عددٍ من الآيات، ولكن وظيفة العقل فيما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الثابتة هي التسليمُ والفهمُ
فردقان
يوسف زيدان
٣١٩
تشاء الأقدار أن أنتهي من الرواية في نفس يوم ميلاد كاتبها فكل عام وهو بخير، ورغم اختلافي مع بعض آراء الكاتب إلا أن هذا العمل جميل.
هي رواية خفيفة، غير منهكة للعقل، تشبه الروايات التي تقرأها وانت تستمع لفيروز أو أم كلثوم.
تحكي عن الشيخ الرئيس ابن سينا وقصة اعتقاله في قلعة فردقان، وهو ليس اعتقال بالمعنى الحرفي، بل كانت إقامة صغيرة.
البنية الروائية جيدة جداً، فهو لم يحكي فقط عن القلعة بل حكي قصة حياة ابن سينا من الميلاد حتي الوفاة في أحداث فرعية وهو ما أدهشني حيث نهاية الرواية ليست موت ابن سينا بل كانت النهاية مختلفة، وانما ابن سينا مات في حدث فرعي خارج الأحداث الرئيسيه للرواية.
اللغة كانت ممتازة وبسيطة، ليست معقدة، وليس بها ألغاز وإنما كانت واضحة سهلة الفهم.
الأسلوب جيد، في البداية لم يعجبني فقد كان سطحياً أحسست بأني أقرأ رواية تاريخية لكاتب شاب وليس لأديب مفكر ولكن مع تطور الأحداث وزيادة الصراع أصبح الأسلوب رائع وممتع.
رتم الرواية سريع، وهذا جيد حيث المعتاد في الرواية التاريخية بأن تكون بطيئة وغزيرة الأحداث، أما هذه فكانت العكس فهي سريعة لكنها وصلت الهدف وأوضحت المعاني.
قراءة في رواية “فردقان” ليوسف زيدان.
يستهل الكاتب يوسف زيدان روايته بالاقتباس الجميل عن ابن سينا (لما غلا ثمني عدِمتُ المشتري)، وربّما يقتدي حالُ زيدان بحال ابن سينا بأنّه سيعدم المشتري قريباً.
إنّ المتتبع لأعمال يوسف زيدان الفكرية والأدبية يعرف أنّه يلتزم طبعاً أو سلوكاً يفتقر إلى الحكمة والحصافة وهو تهييج الرأي العام من خلال مؤلفاته وحتى بمنشوراته على المنصّات الإلكترونية، لايعنيه في ذلك إن حاد عن الأدب في وصفه لصلاح الدين الأيوبي بالشخصية الحقيرة أو وصم حياة هارون الرشيد بالسفاسف والمياعة، أو تسفيه فكر عمالقة الأدب العربي والإسلامي، وحسبه أن يوسعه القرّاء والمحققين لوماً فينال بذلك شهرةً إضافيةً وبيعاً متزايداً لكتبه ورواياته. (تابعوا في يوتيوب على سبيل المثال لقاءه مع قناة المحور ضمن برنامج 90 دقيقة وسترون منه العجب).
بالعودة إلى رواية (فردقان، اعتقال الشيخ الرئيس). وجدّتُ (زيدان) في هذه الرواية كمن بلغ ماء الفرات العذب الزلال وبدل أن يشرب منه بال فيه، فالكاتب (زيدان) وقف أمام شخصيةٍ عظيمةٍ في التاريخ العربي والمليئة بالسحر والحكمة والغموض، فترك جلّ انجازات الرجل وأثره في حركة الفكر والتاريخ وجعله سكّيراً مغناجاً يطيح النغم بوقاره، وتنزله عن قمة اللياقة ضحكات الصبايا وغمزاتهنّ اللعوب!!
تنطلق أحداث الرواية من ساعة وصول (ابن سينا) وهو ابن اثنين وأربعين عاماً إلى القلعة الفارسية (فردقان) مُبعَداً منفيّاً من همذان بأمرٍ من الأمير (سماء الدولة)، بعد أن أوغر صدره عليه رجالات القصر الذين أزعجهم تدخل ابن سينا في أمر الجند وصلاته المحتملة مع (علاء الدولة بن الكاكويه).
يتابع الشيخ الرئيس تدوين مؤلفاته خلال اعتقاله في فردقان، ويخصّص جزءاً من وقته لتطبيب مرضى القلعة من الجند والسجناء، وخلال هذه المدة يسترجع من خلال أحادثيه مع المزدوج والزعّاق وشيخ الرستاق أحاديث الطفولة واليفاعة، وهنا يجول الكاتب بقرّائه بمدن الشرق القديم على لسان (ابن سينا) ويحدثهم عن صراع الدول والملوك والدسائس التي أسفرت حروباً طاحنة شتّتت العوائل ودمرت العمران. والمتتبّع لسير الأحداث سيكتشف أخطاءً كارثية وقع بها الكاتب تتعلق بأزمنة الحروب وتاريخ ولادة ابن سينا ويُتمه وأسفاره.
يُقحم زيدان فتياتٍ ثلاث في حياة ابن سينا (سندس، روان، ماهتاب)، وبغض النظر عن صحة العلاقة التي تجمعه معهنّ فإنّ زيدان أساء لرصانة ابن سينا ورزانته كفيسلوفٍ وطبيبٍ حكيم في دخوله لأعمق تفاصيل العلاقة الجنسية، ولكنّ في الوقت نفسه يمكن اعتبار أنّ هذا الجزء أنقذ الرواية من الترهّل وبثّ فيها نشاطاً يستدعي القارئ للمتابعة ظنّاً منه أنّه يطّلع على الجزء المخفي من حياة الشيخ الرئيس.
ختم زيدان روايته بطريقةٍ مُحببة إليّ جداً كقارئ، هذا النوع من (الخواتيم) من غير الميسور على الروائيين إداركه، لقد وضع زيدان قرّاءه في نسيجٍ من المشاعر ، الخوف من حربٍ وشيكة كأنّها اندلاع القيامة، وفراقٍ أليم بين حبيبين يُشعل اللهفة في جوف الفؤاد، والقارئ بين هذا وذاك ينشغل قلبه في تفاصيل الحدث الغائب المنشود فيُفاجئه الراوي بأن يختم قصته على ذلك.
أعترف جهراً أنّ لغة الرواية ينبوعٌ ثرٌّ من الديباجة والبلاغة، لقد استخدم (زيدان) لغةً غنائيّةً بعذوبتها تألفها الأذواق، وبشاعريتها تتهيّج الأشواق، وبجذالتها ينضبط السياق، لقد التزم الكاتب أعلى نمطٍ من الرقيّ اللغوي فكانت (فردقان) عملاً أدبياً يتطلّع بلغته نحو الكمال.
من مساوئ (زيدان) أنّه يعتبر قرّاءه بأنّهم سدنة الجهل وحرّاس التخلف، وأنّه وحده مالك مفاتيح التاريخ فيقدّم لهم وجبةً تاريخيةً منزوعة الدسم كما في هذه الرواية، أو يعيد صياغة رواياتٍ قديمة بأسلوبٍ لغويٍّ بديع مقنعاً نفسه أنّ الشعب العربي لا يقرأ (للإبحار في هذه النقطة أنصح قراءة روايته “عزازيل” ومقارنتها صفحةً بصفحة برواية “أعداء جدد بوجه قديم” التي نسخها فوتوكوبي بشكل حرفي)، وهو في ذلك لايخرج عن عباءة (جرجي زيدان) (لاحظوا الصدفة العجيبة في تشابه الكنية)، الذي أسقط نفسه أيضاً في تحوير التاريخ برواياته المُتخيّلة التي تحكي سيرة أكابر رجالات التاريخ الإسلامي بقصصٍ تغوص في الوهم لا في الواقع وقد أجاد الكاتب الراحل شوقي أبو خليل في الرد عليه بكتابه القيّم (جرجي زيدان في الميزان).
صدرت فردقان عن دار الشروق في 315 صفحة من القطع المتوسط، وهي رواية قريبةٌ من جواهر اللغة والبلاغة، لكنّها بعيدةٌ عن تاريخ ابن سينا المعروف.
فردقان رواية لدكتور يوسف زيدان المفكر و الأديب و الباحث في المخطوطات و الأستاذ الجامعي المثقف المتفرد الذي أعجب به و أوافقه و أختلف معه في شطحاته الفكرية المبالغ فيها في بعض الأحيان ، لكنه و الحق يقال مفكر عميق و أديب متميز واسع الفكر و ذو إحترام ، كلماته في روايته و كتبه ، كأنها لشاعر ولهان منساباً فيما يعبر عنه ، غارقاً فيما يريد من أجل النوال.
في قلعة فردقان حيث تم إعتقال إبن سينا و معاملته معاملة حسنة إعترافاً بحكمته و عبقريته و تلقيبه بالشيخ الرئيس و هو لم يتجاوز الأربعين .
يحكي لنا د.يوسف زيدان عن ترك ابن سينا لمنزله الفسيح هو و أهل بيته و تركهم لكل متعلقاتهم في بخاري نتيجة الإضطرابات التي حدثت و هو في سن السابعة عشر.
يحكي لنا كذلك عن صدمته العاطفية الكبري مع سندس و تتابع صدماته من وفاة عبد الله بن سينا والد الشيخ الرئيس حسين عبد الله بن سينا ثم لحقت به أمه بعد وفاة والده بعام ، ثم ثورة الأمراء البخاريون علي مليكهم الجديد الضعيف . ثم خروج أخوه الصغير علي بزوجته و طفله للنواحي البعيدة آملاً أن يصير يوماً داعية للأئمة .
و قبل وصول الغازي إلي بخاري رحل إبن سينا في سن الثانية و العشرين عنها إلي مدينة الجرجانية بخوارزم المشكله بالفارسية كركانج .
يحدوه الأمل بالأستقرار بجوار أميرها مأمون بن المأمون و وزيرها المحب للعلم و العلماء أبي الحسين السهلي ، حتي أتي أمر محمود بن سبك تكين الغزنوي بشحن جميع العباقرة و العلماء لمملكته غزنين لأفغانية التي يسمونها غزنة كي تباهي بهم في بلاطه و رفض إبن سينا لذلك و أرتحل عشرين عاماً بأنحاء خوارزم و بلاد فارس و لم يطب له المقام في المدن التي دخلها تباعاً علي ما بينها من تباعد :
نسا ، أبيورد ، طوس ، شقان ، سمنقان ، جاجرم ، جرجان ، دهستان ، الري .
رواية ستأخذك لعوالم مغايرة و منبت الفلاسفة و تلامذتهم .
ستلتقي بأسم ابن الهيثم و البيروني و ابن زكريا الرازي و الجرجاني .
و كتب الشفاء و القانون و القولونح لابن سينا و كتاب الحاوي للرازي .
ستتعرف علي السفاح ابن سبك تكين ، كذلك ستتعرف علي تاريخ كان فيه العلم و التباهي بقراءة اثني عشر كتاباً لأبقراط و الستة عشر كتاباً لجالينوس و العوامل المائة في الطب لابن سينا ، و الحاوي و المنصوري لأبي بكر الرازي ، كذلك كتاب الرازي “الشكوك علي جالينوس”.
ستتعرف علي العديد و العديد و صدمات العشق و الحب لدي ابن سينا الذي عاش للعلم و مات وحيداً.
رواية ممتعة ماتعة متأملة ، تسقط على تاريخنا الذي عطل الأمة الإسلامية في الإقتتال فيما بينها في بعض النواحي حتي فيما بين الفرق و المذاهب الواحدة ، و لكن يؤخذ علي د.يوسف زيدان مجاهرته بإن قدم الفيلسوف إبن سينا مقارعا ً واقعاً في الرذيلة في سن المراهقة عشقاً و حباً و غراما ، فمن أين لنا معرفة ذلك في خضم قرون بيننا وبين حياته و شخص عالم و فقيه أظهره بهذا السقوط الذي يتنافي مع علمه و غز ارته و عبقريته والتي جعلت كتابه القانون في الطب يدرس في أوربا حتي قبل قرنين.
شديد الإعجاب و الحب لدكتور يوسف زيدان و لكني شديد الإختلاف مع قامته العلمية و الفكرية و الفلسفية ، الشاطحه في بعض الأحيان.
و لكن بكل أمانة رواية جميلة جامعة بين العشق و الهوى و العلم و الفكر و الجوي و كل من أحب و عشق و أنكوي ، و كل من طمع فغزا و غوي و هوي وأهوا الأمة ، فطالتها الغمه و أستوحشت و فقدت نور العلم و الفكر و الحكمة و طالتها نيران النقمه و ساد الصعاليك و تفاحشوا بما يسمي المهرجانات و إن شئت فقل البكبورتات فهي أوقع في الوصف.
تمنياتي لكم بقراءة ممتعة مع الفيلسوف و المفكر الكبير و الأديب العظيم د.يوسف زيدان.
تحياتي
حجازي بدر الدين
# حجازى_بدرالدين
فردقان ليوسف زيدان الدكتور والكاتب المصري الذي يهتم بالفكر الإسلامي وتاريخ الطب، الكتاب أقرب للسيرة الذاتية في شكل عمل أدبي روائي في بعض أجزاء الكتاب. فردقان هي القلعة التي اعتقل بها حسين بن عبدالله بن سينا؛ هو عالم وطبيب مسلم، اشتهر بالطب والفلسفة، عرف باسم الشيخ الرئيس، وسمي أيضا بأمير الأطباء. مرت الرواية بعناصر نسائية ثلاث والتي استخدامها الكاتب ببراعة بإضافة رونق للرواية. تدور أحداث الكتاب في عصر السامانيين وبداية الدولة الغزنوية. مر بنا الكاتب عبر أحداث في حياة ابن سينا، ومن المحاورات الروائية في الكتاب عرَّفنا الكاتب على أعمال ابن سينا التي لاقت النور والتي لم يُكتب لها ذلك. تستطيع أيضًا أن تجد عقاقير، ووصفات طبية قديمة، ودقيقة لعلاج بعض الأمراض ومسمياتها القديمة. أيضًا يعرض مؤلفات في الطب من العصر اليوناني وغيره والتي استعان بها ابن سينا. التقى ابن سينا عبر الكتاب مع علماء عمالقة، وتكلم عن آخرين.
اقتباسات
“والله يعلم أن احتراق بدني أهون عندي من حرق الكتب ”
” للجمال حضرة لا يعرفها إلا من صار فيها، فيها تقترن الحواس الظاهرة بالباطنة، فيتداخل الخيال مع السمع والإبصار، وقوة الفكر والإدراك الكلي مع حدة الإحساس ورهافته. “
فردقان.. تجربة القراءة الأولى ليوسف زيدان
كانت الرواية الأولى للتي أقرأها ليوسف زيدان تلتها روايته الأشهر عزازيل ثم محال وأنوي أن أقرأ له المزيد مستقبلا.
عندما قرأتها كانت من ضمن القائمة المرشحة للفوز ببوكر الرواية العربية، لكنني بصراحة ارتحت لعدم فوزها بالرغم من شغفي بقرائتها.
لا أنكر شغفي بالروايات التاريخية بوجه عام حيث تكون مدخلا لمطالعة الحقبة التاريخية التى دارت بها أحداث الرواية والتعرف على الشخصيات الحقيقية التي تناولها الكاتب. نجحت الرواية في ذلك مع تباين البيئات والمدن والعرقيات التى تناولتها. لكن لم يعجبني التكرار الممل لوصف الدور التاريخي لابن كاكويه ومحمود الغزنوي والصراع الطائفي السنى والشيعي. كان الأمر أشبه بمدرس التاريخ الذي يكرر على مسامع طلابه أهم النقاط بالدرس – وهي أحد العيوب المتكررة في أدب يوسف زيدان بوجه عام – عندما يفرض عليك وجهة نظره فيما أشبه بتلقين الطلاب وربما يعود ذلك لطبيعة عمله الأكاديمي.
ما أعجبني هو اللغة للشاعرية والتحليل النفسي للشخصيات- الذي لا أنكره على يوسف زيدان في رواياته. أعجبني إلمامه بالنتاج الفكري والطبي لاتصاله اللصيق بدراستي ولكنه قد لا يروق للآخرين.
ما لم يعجبني وهي السمة السائدة في أدب يوسف زيدان بوجه عام ألا وهو الإسقاط الفكري لمعتقداته الشخصية وتوجيه القارئ. لكني لا أنكر إعجابي ببراعته في الإسقاط التاريخي فما أشبه الليلة بالبارحة.
ساءني استحضار صورة ابن سينا محتسيا للخمر- مع إيجاد الكاتب مبررا لذلك- مع تعدد علاقاته النسائية.
هناك من يبرر المغالطات التاريخية في أدب يوسف زيدان وفي الأعمال التاريخية بوجه عام بأنك لا تكتب كتابا تاريخيا. فلم لا يسقط الكاتب صورته الذهنية تلك على أي شخصية افتراضية فى ذات العصر كما حدث مع شخصية الراهب في عزازيل مثلا. أعتقد أن قيامه بذلك لسببين أولهما رغبته في ترسيخ تلك الصورة في أذهان القراء من منطلق معتقداته الفكرية، ثانيهما إثارة حالة الجدل القائمة حول أعماله والتي قد تكون أحد أسباب شهرته
في زمن غبار كثرت فيه الصراعات و اختلطت فيه المفاهيم اسماه بعض المعاصرين بعصر شيوع الحرام و على أطراف الخلافة الإسلامية فيما نعرفه اليوم بإيران تبدأ الرواية بالشيخ الجليل محتجزا بقلعة فردقان لكن ليس كأي سجين ققد كان له معاملة خاصة من قائد القلعة
الرواية تنتمي للروايات التاريخية عن حياة بن سينا و تدور أحداثها في ذكرياته فيحكي اهم محطات حياته من بداية تلقيه للعلم في قريته ثم الخروج منها لاستكمال مسيرته حتي تنقله بين بلاط الأمراء و الملوك حتى سجنه في قلعة فردقان الي موته و شملت أيضا الحديث عن كتبه و أفكاره الفلسفية التي ركز عليها الكاتب
ربما تكون أحداث الرواية مفككة بعض الشئ لكن روعة اللغة كان لها إيقاع السحر فكثيرا ما أحسست بما يحس بيه الشيخ الجليل من فقض و حب و هيام و خيانة و خوف و ترقب
المأخذ الأكبر هو ان يوسف زيدان لما يكتب التاريخ كما كتبه المعاصرون بل كتب التاريخ من وجهت نظره و جعل بن سينا ينطق بأفكاره فخرج لنا بن سينا على أنه رجل لا مذهبي مدمن للنبيذ و هاهنا الغزنواي احد اهم الفاتحين في التاريخ الإسلامي يصفه و يصف فتوحاته بالوحشية و الهمجية و جعله يسعى لجمع العلماء في بلاطه ليحطتفظ بهم مثل التحف الثمينة و لكن البيروني الذي استشهد به الكاتب في الرواية قد اهدي كتاب اسماه القانون المسعودي على اسم السلطان و ذكر فيه انه محب للعلم و العلماء
ختاما رواية فردقان من الروايات المفضلة لدي بسبب جمال لغتها و روعة تمثيل مشاعر الشيخ الرئيس
بين الفلاش باك والفلاش فورود بلغة السينما قسم يوسف زيدان حياة الشيخ الرئيس إلي قسمين:أولهما زمن الصبا الأول والنبوغ المبكر المترع بالأماني والأحلام كعادة الشباب،يعقبه بداية الاضطراب وصب المرار في جوف العبقرية الإنسانية الكبيرة،التي عانت من تقلبات السياسة والنزاعات والأطماع،والثاني الستة عشر عاما الأخيرة في حياة ابن سينا والتي قضاها وحيدا،مستسلما للموت لما جاؤه.
بين المرحلتين اعتقل يوسف زيدان الوقت المضارع الروائي في قلعة فردقان التي اعتقل فيها ابن سينا،وقد اعتقل معها ابن سينا نفسه ليحرر سيرته ويدونها بين زمنين،بلغة آسرة اشتقها من مرمر اللغة وزاد عليها من موهبته الأدبية الزاهرة،يعجبني أجمل مافيها وهو اختيار الموضوعات والشخصيات التي يتخذها مادة لروايته،ولو توفر زيدان علي تدوين التاريخ بصورة روائية لخلف مشروعا ضخما أعتقد أن في زمننا الحالي لا يوجد من يقوم به أفضل منه،فقد عاصر التاريخ بروحه وسكبه في رواياته.
ركز زيدان علي الثلاث محاور الأساسية في حياة ابن سينا،:العلم والنساء والسلطة،لقد أحب ابن سينا الثلاثة وشغف بهم جميعا ولأنه فريد جاء عشقه لهم فريدا وخاصة العلم والنساء،وتلك المحاور الثلاثة تمثل موضوعا دراميا خصبا استغله يوسف زيدان بدراية وبحث في نفسية ابن سينا،لقد شق عن صدره في لحظات عشقه وخيباه ونجاحه وقرأنا سيرة ابن سينا كما رواها يوسف زيدان،فابن سينا شخصية استغلها العالم كله فقدمها جيلبرت سينويه في رواية الطريق إلي أصفهان وقدمتها السينما الأمريكية بصورة مشوهة جعلتها تتلمذ علي يد طبيب أوروبي شاب!!!!!في فيلم the physician وظهرت في فيلم سوفييتي في الخمسينيات بعنوان ابن سينا أو كما يعرفه العالم avicenna،لكن طول الصحبة الروحية يظهر في سرد ورؤية زيدان لاعتقال الشيخ الرئيس في فردقان،فما هو المكان الأنسب ليتذكر فيه الإنسان ماضيه سوي السجن،أما المستقبل فقد تكفل الراوي الرائي بإخباره لنا وقد حشد لنا الأسماء والأماكن والأحداث بطريقة تعليمية وليس في ذلك ما يجانب الروح الفنية فقد دمجهما معا وحتي وإن أخذ عليه البعض الجزء التعليمي،فذلك دور المثقف في مجتمع انقرض فيه المتعلمون،واستفحل فيه وباء الجهل والادعاء.
طاف يوسف زيدان بابن سينا وهو معتقل بالقلعة الإيرانية،فاستعاده حيا وحرره فنيا من سجنه فإذا كان العنوان الفرعي للرواية”اعتقال الشيخ الرئيس”فخاتمتها الحرية لابن سينا،لعلنا نطوف يوما بعبقريته وسعة علمه بدلا من التشاحن والتساؤل عن مذهبه والتدخل في العالم السماوي والحكمة الإلهية وتقرير بعض البشر عن مصيره بين يدي الله….ولا حول ولا قوة إلا بالله!!!!
ياخذنا يوسف زيدان في روايه فردقان- اعتقال الشيخ الرئيس فى رحله الى الماضى البعيد حيث يعيش الطبيب والعالم والفيلسوف ابن سينا وتدور احداث الروايه اثناء اعتقاله لمدة اربعة اشهر بقلعة فردقان بولاية همذان حيث يصف لنا القلعه وصفا دقيقا يجعلك تراها رؤية العين ويصف لنا كيف استقبل المزدوج قائد القلعه ابن سينا ببالغ الاهتمام والتقدير وهو ما يتنافى مع حضوره الى القلعه سجين مقيد بالاغلال لكن تكتشفف فيما بعد انه ليس سجنا بالمعنى الحرفى للكلمه ولكنه مجرد ابعاد او تحديد اقامه فى تلك الفتره العاصفه المليئه بالصراعات والحروب كما نرى ابن سينا ما يلبث ان يمارس عمله كطبيب يعالج القائد وعائلته وكذلك الجند والسجناء وتتقلب بنا الاحداث ما بين الماضى والحاضر بين ما يحدث لابن سينا فى القلعه وبين ذكرياته قبلها ولماذا وصل الى هنا لكن الاحداث بها الكثير من الضعف والرتابه التى قد تصل احيانا الى حد الملل فالروايه كعادة يوسف زيدان واى مفكر وفيلسوف بدلا من ان يطرح افكاره وفلسفته فى كتاب قد لايصل فى الغالب الا لعدد محدود من القراء يقوم بوضعه فى قالب روائى لنشر الفكره بين اكبر عدد من القراء حيث ان جمهور الروايه اكبر بكثير من جمهور الكتاب لكن فى النهايه تبقى فردقان روايه مختلفه عن اغلب المتداول حيث نجد عصر مختلف شخوص غير منتشره فاذا لم تكن تحب ان تاخذ معلومه تاريخيه من روايه فهى على الاقل تغير عن المالوف لتجديد الطاقه
يدير يوسف زيدان عقارب الساعة ليهبط بنا في قلعة فردقان، حيث الأجواء الموحشه والأراضي المقفرة ،وفي إحدي ليالي الصقيع القارص يدق أبواب القلعه معتقل هام بأمر من أمير الدوله. هذا المعتقل هو الحسين بن سينا (الشيخ الرئيس).
يتحدث الكاتب في هذه الروايه عن نبوغ بن سينا وتميزه عن أبناء عصره وتفوقه حتي علي أساتذته ليس في الطب فقط بل في الفلك والفلسفة والهندسة …….وعن سبب عبقريته الفذة والدافع الذي جعله يوهب حياته للعلم والمنهج الذي اتبعه بن سينا في حياته.
كما يستعرض الكاتب التطاحن بين الولاة والسلاطين في تلك الفتره ودوره في التأثير بالسلب علي العلم والفلسفه ومايتعرض له العلماء والمفكرين من اضطهاد وظلم ،حيث أن العلم لايولد في الحروب. كما تطرق يوسف زيدان لشخصية محمود الهمذاني باعتباره سفاحا لابطلا يذكره التاريخ ،وفيه رمزيه لمعاناة العلم ولعلماء من طمس لسيرهم مقابل تعظيم من لايستحق. الرواية لغتها شاعرية جدا، كما أن العنصر النسائي في الرواية له حضور مميز جدا تمثل في قصص الحب التي عاشها بن سينا. تختلف رؤية الناس للرواية من باحث عن أيقونة مثل عزازيل ومن مترصد لشخص الكاتب ،ولكن في النهاية هي عمل أدبي متكامل وعظيم.
رواية فردقان للكاتب يوسف زيدان
رواية من الطراز الأدبي في الدرجة الأولى
فردقان هو إسم القلعة اللتي أُعتقل بها {بو عليِّ الحسين بن عبدالله بن سينا }
ولكنَّ إعتقاله كان بشكل آخر
كان أشبه بالنعيم وليس الإعتقال
تحدَّثت الرواية عن الأربعة أشهر اللتي قضاها ابن سينا في القلعة تحت رعاية آمرها {منصور المزدوج} اللذي كان يكرمه أشد إكرام .
الرواية تتحدث عن حياة ابن سينا بشكل من الـ (فلاش باك) لأحداث حياته ، إبتداءا من صبوته وصغره ونبوغة عن أقرانه وتوَّهُج نجمة في مقتبل عمره ومهارته في الطب والفلك والرياضيات والهندسة والفلسلفة وكيف كان هذا التقدم ومتا
ومن ثم وقوعه في عشق إحدى جيرانه اللتي تدعى سُندس ، ومهارته اللتي تقربه من الأمراء والملوك ليعالجهم ويسطع نجمه اكثر .
حدثت بعض الحروب في تلك الفترة أدت إلى ارتحال بن سينا عن بلدته الأم وتنقله من مكان إلى مكان آخر بعلمه الوفير الغزير ، ولكنَّه وقع اثناء تأليفه لرسالة تتحدث عن المماليك والعساكر فغضبوا منه وأمروا بإعتقاله .
تحدثت الرواية عن الصعوبات اللتي واجهها ابن سينا من الملوك المتضهدين للعلم وعدم استقراره ومواجهتة للمآسي الكثيرة ، تحدثت الرواية عن آراء ابن سينا المذهبية والفلسفية وكيفية علاجه للأمراض ووصفها والأدوية بالتفصيل اللذي كان يطفي على الرواية إبداع طبي جميل بالمفردات والمصطلحات القديمة .
كان ابن سينا لا يبرح الكتابة مطلقا مع ولعه بالنساء وحبه لثلاث شخضيات متفرقات في الظروف والأحوال هم سندس جارته و روان جاريته وماهيتاب العالمة اللتي تعرف عليها في القلعة ، ثم كيف مات ابن سينا بعد خروجة من المُعتقل .
الرواية من الممكن ان نقول أنها رواية تاريخية تسرد السيرة الذاتية لابن سينا ولكن في سياق مشِّوق جميل حتى لا تشعر بأنك تقرأ السير الذاتية بل رواية تُحكي لك ، اللغة فيها تُدرس من بدائع المصطلحات وشاعريتها وسلاستها واتصالها بالزمن اللذي كان يعيشة ، تشعرك انك كنت مع ابن سينا في معتقله ، تشعرك بأجواء فارس والقلعة وتجعلك تشتم رائحة الحروب والزمن الماضي .
الرواية عظيمة و بليغة جدا ، لا يستطيع أحد إنكار إبداع يوسف زيدان الأدبي ، و وصول أعماله الأدبية الجميلة إلى مراتب مرموقة أدبيا ، و يكمل الكاتب و المفكر يوسف زيدان إبداعه في هذه الرواية……….
لغة الرواية لغة عربية فصحى شديدة الجمال و الإبداع و التميز………….
يسرد الكاتب يوسف زيدان في هذه الرائعة فترة حياة ابن سينا إبان اعتقاله في قلعة فردقان ، و أيضًا سيرته قبل الاعتقال في شكل أضغاث ذكريات و في شكل سرد لماضي ابن سينا ، و كل هذا السرد بشكل بديع جدا……………..
من النقاط البديعة في الرواية احتوائها على دقائق الأمور في حياة ابن سينا ، فإني أرى هذه الرواية چد مرجع مهم لكل من يريد التعمق في حياة العالم الإسلامي الجليل ابن سينا……….
و أيضًا يذكر الكاتب يوسف زيدان بشكل بديع الأوضاع السياسية للدولة الإسلامية إبان فترة حياة ابن سينا…………..
الرواية تنساب إلى قلب كل المهتمين بحياة العالم الإسلامي الجليل ابن سينا ، و حقا إن هذه الرواية بديعة جدا و كانت تستحق عن جدارة الجائزة العالمية للرواية العربية…………..