في المستقبل البعيد، يستيقظ نديم من حلمه بسيدة غجرية حمراء الشعر تقف في قاع البحر وتنظر إليه. وفي اليوم التالي، أثناء إلقاء نديم لإحدى محاضراته يجد هذه المرأة تجلس بين الحاضرين...
احصل علي نسخةموسم صيد الغزلان؟ يتلاعب أحمد مُراد ليس بعقولنا فقط ولكن بعناوين كُتبه أيضًا، فيجبرنا على التقاطها للوصول إلى اللغز. فالرواية تُحفز خيالك حتى من قبل البدء لتتساءل هل هي موضوع الرواية بالفعل غزلان أم شيء آخر؟
تدور أحداث الرواية فى زمن خيالى – لم يُحدد الكاتب عام مُعين ولكنه في المستقبل البعيد وغالبًا يسبق عام ٢٠٤٧ استنتاجًا من الأحداث – حيث التنقُل بالطائرات يوميًا شىء طبيعى كذلك زرع الرؤوس والتحكم فى أجناس البشر وذكائهم، وخلق الروبوتات ووجودها كجزء من الحياة اليومية. بجانب وجود عدسات متطورة أصبحت جزء لا يتجزأ من جسم كل إنسان وتأتي بالعالم كله بين يديه. بالإضافة إلى التعامل بالعملة الالكترونية (البتكوين).
ونستنتج من ذلك بالطبع تطور التكنولوجيا الهائل ولكن هل تطور الإنسان بدوره مع هذه الموجة؟ أم ظل يُطور كل شىء عدا ذاته؟ بطبيعتها الأنانية الأنوية البحتة؟
أما المكان فهو قاهرة جديدة أو منطقة جديدة خارج نطاق القاهرة القديمة (العاصمة الحالية).
“نديم” بطل روايتنا، عالم بيولوجيا ودكتور علم نفس تطوري، به من الصفات التى يمكن أن تستفز الكثيرين ما يكفى. مُلحد – يؤمن بالعلم فى مواجهة الإله – ويعترف بتلك الآراء والمبادئ بشكل علنى فى محاضراته – أناني بدرجة لا يمكن غض النظر عنها، ويعيش كطير حُر مُتجرد من مُعظم القيود التى تحيط بالكثير من الناس فى نظره.. متزوج من “مريم” ولديه ابنة منها اسمها “سلاف”.
تبدأ رواية موسم صيد الغزلان بحلم يتحول إلى حقيقة. وربما يأخذ نديم إلى حلم آخر. فتختلط الأحلام والحقائق أثناء قراءتك للرواية.
تاليا فتاة يُقابلها نديم فى أحد أحلامه ويبهره جمالها وغرابتها حتى يقابلها يومًا في إحدى محاضراته فيصيبه هوس التعرف على تلك الفتاة الغامضة والوصول إليها. يؤدي ذلك بنديم إلى خوض تجربة تعيده بالزمن أو تذكره بما غفل أو تغافل عنه لزمن طويل.
شخصية محورية أيضًا فى الكتاب هى شخصية طارق. شخصية غامضة اخرى بدورها تُحيرنا منذ أول ظهور لها فى الأحداث وحتى نهايتها.
ولكن ما هو الشىء الذى يربط طارق بتاليا؟ وكم من الأميال مُستعد نديم أن يسيرها مُبتعدًا عن عالمه الجديد ليصل إلى تاليا فى سراديب الماضى التى تقطنه؟
أيضًا نتعرف على نديم كأب وزوج ونغوص معه فى تجربته تلك وتطور علاقته بمريم على مر السنوات. كذلك علاقته بسلاف ابنته. واختلاف نسختيّ نديم. نسخة الزوج ونسخة الأب.
الرواية مثيرة للجدل وجريئة بلا شك. لها بُعد دينى ونفسى يسيطر على الحبكة بشكل كبير جدًا. وهذا ليس غريبًا على أحمد مُراد فلقد اعتدنا منه على طرح مواضيع تُعتبر في مجتمعاتنا “تابو” وغير قابلة للنقاش كالجنس والإلحاد والدين بشكل عام وغيرها.
ولكن حيلة الكاتب هُنا هو السرد والأسلوب. فعندما تبدأ فى الرواية – خاصةً من أول فقرة – تعلو التساؤلات رأسك ولا يسعك أن تُفلتها إلا وأنت منتهيٍ منها فتجذبك وإن نفرت من جرأتها فى بعض الأحيان، لن تجرأ أنت على التوقف بل ستطلب المزيد لتعرف مصير نديم وسر تاليا. الحوار أيضًا من أجمل الأشياء فى هذه الرواية فهى نقطة إضافية تُحسب للكاتب بلا شك.
صدرت رواية موسم صيد الغزلان عام ٢٠١٧ عن دار الشروق وهى الرواية السادسة للكاتب أحمد مُراد.
كتاب رائع
موسم صيد الغزلان.. كالعادة اسم الرواية في حد ذاته محتاج قعدة تانية لوحدها عشان اتكلم فيه زي كل أسماءروايات احمد مراد العظيمة.. ليه موسم صيد الغزلان هي اكتر رواية حبيتها لأحمد مراد؟ عشان طرح جزء من الأسئلة اللي كبرت و انا بسألها لنفسي و لما بدأت أسألها للي حولي كانت الإجابة ( استغفري الله ده اكيد وسوسة شيطان) او ( انتي بتسألي الأسئلة دي عشان قريبة كفاية من ربك عشان كدة الشيطان بيوسوسلك) لغاية ما بطلت أسأل تماما.. لاني كنت شايفة الموضوع بطريقة تانية و شايفة اني اتخلقت في الأساس عشان أسأل… بس بمنطق المجتمع اللي عايشين فيه حتى السؤال لازم يكون في نطاق معين.. من دون ما تسأل في ( الثوابت المطلقة) و كانت كل مشكلتي اني عايزة أسأل في الثوابت المطلقة دي عشان أفهم 🤷🏽♀️ اعتقد انه كلنا سألنا الأسئلة دي بينا و بين نفسنا بس سكتنا عنها عشان ما نتفهمش غلط… اكبر دليل انه لما الرائع أحمد مراد سأل الأسئلة دي عبر شخصية ( نديم) للناس اتهمته بإنه ملحد و الرواية أخدت كمية ذم رهيبة.. و بصراحة ده اللي خلاني عايزة أقرأها لاني كنت متأكدة انه طالما انتقدوه كدة يبقى كتب حاجة حلوة و تستاهل تتقري و فعلا كالعادة برضو ما خيبش ظني و بقت موسم صيد الغزلان روايتي المفضلة لأحمد مراد يليه تراب الماس و ينافسها أرض الإله… شخصية نديم الراجل اللي فقد إيمانه بوجود إله بعد ما اتوجع اوي و تاه في وجعه ده بدأ ينفي وجود إله بأسئلة تبدو منطقية جدا بالنسبة لي.. بالذات انه عايش ف زمن مافيهوش المعجزات اللي خلت الأنبياء و الناس زمان تؤمن بوجود خالق.. نديم عايش في زمن العلم و العقل هم أكثر شي مقدس عند البشر عشان كدة من السهل انه يفقد إيمانه بعد صدمة كبيرة زي اللي أتعرض لها… و برضو فكرة العودة للحياة السابقة… دي من الحاجات اللي دايما بفكر فيها.. ما افتكرش انه دي اول و لا اخر مرة أكون موجودة فيها هنا.. اعتقد اننا كنا هنا قبل كدة في صيغ أخرى و ح نيجي هنا تاني في صيغ تانية و ممكن نكون موجودين دلوقتي في حتة تانية بصيغة تانية… ف فكرة انه موسم صيد الغزلان طرحت الموضوع ده برضو في الرواية بيديه بتزيد ولائي للرواية دي.. ده غير طبعا الأفكار الأخرى اللي بتطرحها الرواية من خلال شخصيات زي مريم او العلاقة اللي بتربط طارق بتاليا و رغبة نديم الغريبة بتاليا. .. انا شايفة أنه مشكلة موسم صيد الغزلان الوحيدة هي انها بتخلص.. عشان قد قررت اني ما اخلصهاش و سبت اخر 70 صفحة لغاية ما أحمد مراد ينزل برواية تانية.. عشان ما احسش اني ففراغ من بعدها.. رغم اني متأكدة اني النهاية ح يكون فيها الجواب.. لكن شكلي ح أسيب الأسئلة تاخد وقتها فعقلي…..
موسم صيد الغزلان رواية أكثر من رائعة ما تتخيرش عن أخواتها.. و أحمد مراد ( العقل و التاريخ) زي ما بحب اقول عليه دايما.. العقل اللي دايما ح تلاقيه بيمسك حاجة.. فكرة.. سؤال مركون ف عقلك و مغطيه و يروح هو يطلعه و يلعب فيه و يشكله بطريقة تخليك ما تقدرش تعمل حاجة غير انك تسقف لذكائه من شدة انبهارك.. و التاريخ لانه ح يكون اسم تقيل و علامة فارقة مستقبلا زي ما هو دلوقتي تقيل و متفرد و بيلعب في حتة لوحده ماحدش يقدر ينافسه فيها… عشان كدة انا سعيدة إني أُعاصر زمنه( ربنا يديه الصحة و طولة العمر طبعا) .. و سعيدة اني عندي فرصة اني اتحمس لموعد نزول كل رواية ليه و لكل لقاء بيطلع يتكلم فيه عن كتبه… و بالتأكيد دي متعة ح تفوت قرائه المستقبليين 😌
١: أحمد مراد ليس كاتبًا يكتب عن الجنس بفجاجة في صفحة من رواياته ولا حتى في فصل كامل. لكنه كاتب خلط الجنس بكل كلماته. الجنس عنده هو الماء الذي يعجن به الحروف لتخرج رواياته.
في الفيل الأزرق كانت حبكته تدور على الجان الذي حضر بسبب تعويذة امرأة تشتكي من ضعف زوجها الجنسي، واختار للجان أن يكون دوره هو تلبس الرجال حال الجنس. ثم عاد في موسم صيد الغزلان ليكرر الأمر لكن على نطاق كل صفحة من صفحات الرواية. الغزلان ابتداءً هى كنايته عن النساء، وصيدهم هى محاولات البطل لاصطياد نساء الرواية.
تجاوز مراد مسألة تصوير مشهد صريح في عدة صفحات إلى وضع التوتر الجنسي في خلفية عمله بالكامل. دائمًا هناك التلميح أن البطل في الرواية يريد النوم مع الأنثى. الأنثى هنا تعني كل أنثى في الرواية، أو كل ما يحتوي ” ياء ” المؤنث كما قال هو في الرواية. وجعل الحديث عن الرغبة محور حديث أبطاله، رغم عُمق الصراع بينهم الممكن استغلاله لحوار أشد وأوسع.
٢: انشغال مراد بإضافة جرعات الجنس في مختلف صفحات الرواية جعلته يصرف عين القاريء عن محور مهم كان من الممكن أن يكون المحور الرئيس للأحداث، محاضرات إنكار الإله.
منح مراد نفسه في هذه المحاضرات حقًا كونه أحمد مراد في الاسترسال حول الكون والألوهية. لم يخبرنا الأدلة التي استند عليها البطل في بناء كلماته أو قناعاته. لكن اكتفى بترديد ما يقوله ملحدو التريند على فيس بوك. دون الحديث بشغف أو صدق حول فكرة الإلحاد، رفضًا أو قبولًا.
أجل، هذه رواية وليست كتاب دين أو بحث فلسفي في الإلحاد، لكن منح صفحات طويلة لكلام معين تعني أن له أهمية في الرواية تستدعي أن يُوثق بقليل من البحث أو مصدر وهمي حتى. وأن يُوضع حوار مناقض له بنفس القوة وعلى لسان شخص آخر، وليس من منظور نفس الشخص.
٣: يكرر مراد خطأ رواية الفيل الأزرق، تفاصيل وتعقيد وفروع وفي النهاية يُنهي قصته ببساطة تاركًا آلاف الأسئلة مُعلقة. لو تعمد فعل ذلك لقلنا حقه رغم عدم منطقيته. لكن لا أظنه يتعمد، هو يكتب ويُعقّد الرواية ويضيف التفاصيل والخيوط المتعددة، ثم يكتشف أن الرواية قد طالت أو أصابه الملل فيضع حلًا سحريًا يُنهي الرواية.
طبعًا لن يمكنك أن تقول أنه ليس منطقيًا، لأن الفيل الأزرق وموسم صيد الغزلان كليهما يدور من الأساس في أحداث غير منطقية. لكن حتى بقواعد العوالم الغريبة التي يبنيها مراد، فنهاياته مفككة وضعيفة تمامًا. هو يكتب والنهاية ليست في ذهنه حتى لو خيالًا ضبابيًا، تأتيه الفكرة فيبدأ في عد الصفحات.
لذا ستصاب بخيبة الأمل حين تُنهي موسم صيد الغزلان لأنها ليست نهاية مفتوحة أو مُغلقة، بل نهاية كسولة وضعها من يريد تسليم عمله لأن موعد التسليم قد حان ويريد أن يدخل الحمام فورًا.
٤: القراءة لأحمد مراد تجربة سيئة، يمكن مشاهدة أفلامه ربما. فهناك ممثلون ومخرج وإنتاج يمكنهم جميعًا أن يقللوا من شعورك بسخافة ما يكتب مراد.
يمكنهم أن يكونوا عوامل للتشتيت أو جنودًا مساعدة يدخل بها مراد معركته. أما أن يدخل المعركة بالورق والكلمات فهذه حماقة منه، وغباء منك أن تدخل هذه المعركة. ستخرج خاسرًا مالك ووقتك وذائقتك الأدبية.
فلا هو بالكاتب الحكّاء الذي يهتم بسرد الأحداث والوقائع فحسب، ولا هو بصاحب وجهة نظر في الحياة يريد بثها للقراء. ونتيجة هذا الشتات تخرج رواياته كالطعام بلا ملح، إضافة لأنها طعام مطبوخ بثمار بلاستيكية لا لون ولا طعم ولا رائحة وليس من المنطقي أن نستخدمها في الطبخ أصلًا.