العمران، فلسفة الحياة في الحضارة الإسلامية

خالد عزب

تطرق الكاتب خالد عزب في كتابه إلى نقطة هامة في تاريخنا العربي، ورثناها دون التحقق منها، ألّا وهي صياغة وتفرد ابن خلدون بتأسيس علم العمران، فيقول الكاتب إن ابن خلدون لم يشرح أو يضع علم العمران ككل، بل تحدث عن جانب ضئيل وبسيط منه، ولم يكن حديثه بالجديد فقد سبقه إليه العديد من الفلاسفة والمُفكرين المسلمين. فقد اقتصر دور ابن خلدون عند خالد عزب على تلاقي باقي العلوم والفنون مع علم العمران، فأدى ذلك التلاقي إلى تقدم وتطور حركة العلم.

احصل علي نسخة

نبذة عن العمران، فلسفة الحياة في الحضارة الإسلامية

في العمران، فلسفة الحياة في الحضارة الإسلامية، يُعرف الكاتب بداية الأمر علم العمران – في الفصل الأول – قائلًا: “علم الحياة الدنيا في الحضارة الإسلامية، وغايته: سعادة الإنسان على الأرض، وأدواته العلم والعمل، وأطره التي يعمل من خلالها: السياسة وفقه العمران، ومجالاته: الزراعة والتجارة والصناعة والحرف والطب وغيرها”.

يستطرد الباحث خالد عزب في كتابه شارحًا تطور علم العمران عند العرب ابتداءً من الجاحظ وإخوان الصفا وابن سينا والفارابي حتى ابن خلدون. فالجاحظ مثلًا قال: “ثم اعلم، رحمك الله تعالى، أن حاجة بعض الناس إلى بعض، صفة لازمة في طبائعهم، وخلقة قائمة في جواهرهم، وثابتة لا تزايلهم، ومحيطة بجماعتهم، ومشتملة على أدناهم وأقصاهم، وحاجتهم إلى ما غاب عنهم، مما يعيشهم ويحييهم،

ويمسك بأرقامهم، ويصلح بالهم، ويجمع شملهم، وإلى التعاون على معرفة ما يضرهم، والتوازر على ما يحتاجون من الارتفاق بأمورهم التي لم تغب عنهم، فحاجة الغائب موصولة بحاجة الشاهد، لاحتياج الأدنى إلى معرفة الأقصى، واحتياج الأقصى إلى معرفة الأدنى”.

ويعرض كذلك في كتاب العمران، فلسفة الحياة في الحضارة الإسلامية، رأي ابن سينا في الاجتماع والعمران: “يحتاج الإنسان للقوت، ثم لحفظ ذلك فيبني المنزل، ثم تنكشف الحاجة للمرأة كي تحافظ على كل ذلك وترعاه فيتزوج، وتتحول السياسة إلى سياسة الأهل، مع ظهور الأولاد تتعقد الحاجيات والسياسة المنزلية، فننتقل إلى استدعاء الخدم”.

ويعرض أيضًا رأي القزويني في احتياج الناس لبعضهم البعض وهو أساس علم العمران من كتابه (آثار البلاد وأخبار العباد): “اعلم أن الله تعالى خلق الإنسان على وجه لا يمكن أن يعيش وحده كسائر الحيوانات، بل يضطر إلى الاجتماع بغيره حتى يحصل على الهيئة الاجتماعية التي يتوقف عليها المطعم والملبس،

فإنهما موقوفان على مقدمات كثيرة لا يمكن لكل واحد القيام بجميعها وحده، فإن الشخص الواحد كيف يتولى الحراثة فإنها موقوفة على آلاتها، وآلاتها تحتاج إلى النجار، والنجار يحتاج إلى الحداد، وكيف يقوم بأمر الملبوس، وهو موقوف على الحراثة والحلج والندف والغزل والنسخ، وتهيئة آلاتها،

فاقتضت الحكمة الإلهية الهيئة الاجتماعية، وألهم كل واحد منهم القيام بأمر من تلك المقدمات، حتى ينتفع بعضهم ببعض، فترى الخباز يخبز الخبز، والعجان يعجنه، والطحان يطحنه، والحراث يحرثه، والنجار يصلح آلات الحراث، والحداد يصلح آلات النجار، وهكذا الصناعات بعضها موقوفة على بعض”.

وتلك الحاجة والمصلحة المُتبادلة بين الناس وبعضهم أساسها عند الكاتب هي الغاية الأسمى، غاية الغايات عند الفارابي في كتابه المدينة الفاضلة: سعادة الدارين؛ الدنيا والآخرة.
الكتاب حسب رأيي يُعد مرجعًا هامًا ونقدًا جديدًا لفكر وفلسفة ابن خلدون، فما قدمه ذلك الكتاب العمران، فلسفة الحياة في الحضارة الإسلامية ومن قبله كتاب سقوط أسطورة، يُعدان بمثابة مرجع هام لنقد فكر ابن خلدون.

حمّل التطبيق

تحميل التطبيق

اترك تعليقاً

كتب مشابهة

الرئيسية
حسابي
كتب
كُتاب
متجر