رواية مكونه من ثلاثة أجزاء مختلفة، يحكي يوسف السباعي في كل جزء قصة حب مختلفة، وكيف كان نصيبها من النجاح أو الفشل وما علاقة أبطال الأجزاء الثلاثة ببعضهما البعض .
احصل علي نسخةأعتمد السباعي في سرد رواية “بين الأطلال” على البداية من نهايتها، أو كما يطلق على ذلك المصطلح سينمائيا أسلوب ” الفلاش باك” وقد قسمها الى ثلاثة أجزاء مختلفة يحكي في كل جزء قصة حب مختلفة، وكيف كان نصيبها من النجاح أو الفشل وما علاقة ابطال الأجزاء الثلاثة ببعضهما البعض ..فمن خلال الجزء الأول ” سوط على قلب” كان هناك ” امتحان” انتهى ب” أمنية تتحقق” و طرح سؤال ” أجيبي يا أماه” …وفي الجزء الثاني ” القصة الأخيرة” سرد لنا السباعي بعذوبة كلماته ورومانسية عبارته قصة الحب القائمة بين البطلين الرئيسيين حيث كان البطل يعاني من ” صراع في نفس” رغم كونه “غير مذنب” وقد عاش ” ألوان من الغيرة” ووضع ” بداية النهاية ” حين قال لحبيبته “وداعا”.. وفي الجزء الثالث ” شمس غاربة” أجبنا السباعي على سؤال من هو “النصف المحرم” من خلال ” نداء” و وضع لنا ” الخاتمة”..
تدور أحداث الرواية في القاهرة في خمسينات القرن العشرين وهي فترة اندلاع الثورة وإن كان السباعي لم يتطرق في روايته الرومانسية نحو تحرير الوطن ولكنه تكلم على لسان احدى بطلاتها على تحرير المرأة وتطلعاتها نحو الحصول على الدكتوراه ورئاسة الوزارة تلك التطلعات التي اصطدمت بالحب والعش الزوجي لنعلم أثناء الرواية أيهما هزم الآخر وتغلب عليه..
ولأول مرة نتعرف مع رائد الرومانسية على معنى العشق والهوى من خلال حروف الرسائل وكلمات الخطابات التي رواها بطل الرواية، ذلك الكاتب الذي عشق قارئته اليتيمة فأضحى لها عائلتها وهواها وأضحت له كيانه وكلمته التي ربما كان أملهما في الحب أبعد من أملهما في الحياة… كيف تزوجا كل منهما وأنجبا وكيف ورثا قصة حبهما إلى أبناؤهما ليرويها الزمن مرة أخرى بكلمات أكثر عزوبا وجمالا من قصتهما …
ربما ترجع تلك الحالة الفريدة من إبداع الرواية إلى حداثة فكرتها وجدة حبكتها التي خاطبت فينا الروح قبل الجسد، والقلب قبل العقل، وربما يرجع ذلك إلى حالة التوحد التي عاشها “السباعي” في كتابة تلك القصة لتصبغ بصبغة شخصيته الرومانسية الحالمة وكأنها جزء لا يتجزأ من كيانه وقد اتضح ذلك حينما كتب عنها في مقدمتها ” ..أنا عندما أبدأ الكتابة أصبح كالمحكوم عليه بالكتابة مع الأشغال الشاقة فأنا آخذ نفسي بغير رفق .. بل أحبس نفسي في حجرة .. وأظل أكتب وأكتب بلا توقف .. كأني أخشى أن تفر مني القصة ، ويداخلني احساس بأني لو لم أكتب القصة في نفس واحد وكتبتها على فترات لخرجت القصة غير متماسكة ولا متناسقة .. .. هذه القصة كتبتها بطريقة السجن مع الكتابة.. بدأتها رمضان ١٣٧٠هجريا ١٩٥١م ، بدأت عملية الحبس يوميا من التاسعة الى الخامسة وفي اليوم العشرين كنت قد انتهيت من القصة..”
رواية ” بين الأطلال” ليست مجرد كلمات و حبكة قصصية ممتعة ولكنها قيثارة عزفت نغمات الحب والهوى على نبرات الأحياء والموتى لتعلن أن الحب خالد وأمله أبعد من الحياة وربما لن تستطيع أن تكبح دمعة تذرف من عينيك حين تقرأ خاتمتها
” .. وسقطت الظلمة .. فلقت في حناياها الجسد الواهن، والنفس المضناه التي لا تملك من عزاء .. في حياتها الفانية والباقية سوى العيس بين الأطلال “
“بين الأطلال” هي الرواية الثامنة عشر التي أهداها لنا رائد الرومانسية ” يوسف السباعي” في عام ١٩٥٢، أحد الإبداعات التي خلدها القلم، وأضافتها الشاشة الذهبية الى تاريخها حين حولها المخرج ” عز الدين ذو الفقار” الى فيلم سينمائي في عام ١٩٥٩ صنف على أنه من أفضل مائة فيلم في السينما المصرية واحتل المرتبة الثالثة والسبعين، كما قام المخرج ” هنري بركات” بتحويلها الي فيلم سينمائي مرة أخرى بعنوان ” اذكريني ” في عام ١٩٧٨، وبالرغم من ابداع المخرجين العظميين في تجسيد الرواية سينمائيا، وعذوبة وجمال الكلمات التي أفاض بها ” الفقار” في سيناريو وحوار فيلم ” بين الأطلال” و جاد بها علينا ” السباعي ” في فيلم ” اذكريني” إلا حينما تقرأ الرواية تجد أنك أمام لوحة ابداعية مختلفة اجتمعت فيها أركان جمال اللغة والحبكة والفكرة والسرد لتسبح بنا في عالم رومانسي نسج خياله من الحب والهوى..
#iRead_reviews
رواية بين الاطلال
تبدأ الرواية بتعرفينا بـ”سامية” الطالبة الجامعية المجتهدة فائقة الذكاء مختلفة الفِكر التي تسعى خلف أحلامها في نيل الدكتوراة وتزعُّم الحزب النسائي وربما رئاسة الوزارة من بعدها، تقيم حول نفسها حصونًا وتزدري الجنس الآخر معتبرة كل محاولاتهم للتقرُّب منها أفعالًا صبيانية ما تلبث أن تصدَّها وتضع أصحابها في مكانهم الصحيح، حتى تلتقي بـ”كمال” أستاذ الإنجليزية الذي يُدرِّسها بالمعهد فتنجذب إليه وينتهي الأمر بها بالوقوع في حبه لتكتشف أنَّه يبادلها نفس الشعور ويسألها أن يتقدم لخطبتها، ويبدأ كل منهما بإعلام أهله بالأمر فتنكشف صلة قديمة معقدة بين العائلتين، وتأخذ القصة منعطفًا آخرًا وكأنَّ الكاتب بدأ القصة الحقيقية للتو فيسرد لنا حكايا من الماضي عن هذه الصلة المعقدة ويستوفيها حتى آخرها، قصة الحب التي تعارضت مع كل منطق وعقل وعُرف والتي بلغت من التعقيد والغرابة درجة عصيَّة جدًّا شملتها من بدايتها حتى سطورها الأخيرة.
بدأت الفكرة مُتوقَّعة سريعة التصاعد حتى يمر الفصل الأول، ثم تنقلب الأحداث كما ذكرت إلى سرد قصة أخرى مختلفة ليس على مستوى الأحداث فقط بل وعلى المستوى الأدبي كذلك؛ تغيَّرت طريقة السرد الخفيفة الألفاظ إلى أخرى ذات ثقل وتراكيب وجزالة نوعًا ما، مع القصة التي بدت ملحمية
الفكرة جيِّدة تناولها كاتب بارع متمكن من أدواته، أسلوبه قوي في السرد يستطيع التأثير على عاطفة القارئ بتعبيراته النافذة ونصوصه الحارة، استخدم الفصحى المتوسطة التي لا تخلُ من قوة في غير تعقيد، كما ضمَّن الحوار بعض الألفاظ وأحيانًا جملًا كاملة بالعامية يقترب من خلالها للواقع.
وعليه يمكننا تقسيم مناقشتها إلى قسمين وتناول كل قسم على حِدة.
أولًا: الجانب الأدبي: وضع الكاتب قصته في إطار رومانسي وطعَّمها بلمسات من المعاناة والألم والعُقد
ولجأ الكاتب الكبير الى رسم الحبكة وحل مشكلاتها إلى الصُدف مرات عديدة، فالشخصيات كلها تتلاقى خيوطها معًا على سبيل الصدفة. كان يمكن قبول الأمر لمرة واعتباره مخرجًا لمأزق في الحبكة
ثانيًا: الجانب الفكري:-
ساق الكاتب العديد من الأفكار عبر سلوك شخصياته، أفكار تثير جدل القارئ المتمعِّن وتستفزه،
بين الأطلال رواية تستحق القراءة والإطلاع والاستمتاع بحالتها الغريبة وتجربة مشاعرها الخاصة، قراءة ممتعة رائعة