يأخذنا أحمد خالد توفيق في رحلة مع عرب المهجر، وحكاية ٤ أشخاص محملون بالألم والأمل والاضطهاد، لأنهم يحملون لقب "مهاجرون"
احصل علي نسخةتتجمع قطرات المطر فتكون لنا بقعة ماء. تتكاثف السحاب في جو السماء فينزل علينا مطراً، تداعب قطراته الأولى وجوهنا والملابس التي نرتديها. إنها الشآبيب، قطرات المطر الأولى وزخاته الناعمة، التي ما تلبث أن تشتد فترميها السحب كالسهم، تصيب به من تشاء.
هكذا جسد الكاتب أحمد خالد توفيق عرب المهجر، إيماناً منه بأن الأقليات إذا تم الالتفات لها، والاستثمار فيها، أخرجت أفضل ما عندها. وإذا امتلكت القوة والعدد، ستشكل خطراً وكابوساً على كل ما يحيط بها، وهو ما يخشاه الغربي دائماً. فالعرب كقطرات المطر، متناثرون وضعاف وأقلية أينما وجدوا أو ارتحلوا.
توفيق وبقدرته المعتادة على عرض أفكاره وكتاباته، أتى بأربع شخصيات محورية وبنى عليها روايته. فمن خلال محطتان تتفرع منها فصول جانبية كثيرة تدور كل الأحداث.
تسافر بنا المحطة الأولى إلى خمس دول وأربع شخصيات. فمن النرويج إلى الولايات المتحدة مروراً بليبيريا ومصر وأستراليا. يقرب لنا الكاتب العدسة، فندخل في عمق إحدى مدن هذه الدول، نقترب أكثر من حي سكني فنشم رائحة التوابل والبخور والأطعمة، ندرك معها أننا في حي عربي، وبصدد التعرف على شخصية عربية جديدة.
يأخذ الكاتب مع هذه الشخصية فيحكي تاريخها وذكرياتها ومخاوفها، ورحلة هجرتها من وطنها الأم وإلى الأبد. فكما أن
“قطرات المطر تتكاثر ببطء فيمتلئ الوعاء ثم يفيض”
تأتي هذه الشخصيات كتجسيد للعربي الفرد في المهجر، ومن وجهة نظر الكاتب، فهم محملون بالألم والأمل والاضطهاد، وبحلم أن يُلم شتاتهم وتُحفظ ما تبقى من كرامتهم التي أضاعوا نصفها حينما أصبح لقب مهاجر ملازماً لهم في تعاملاتهم، وفي معاملة الآخرين لهم.
أبطال رواية شآبيب، والتي أجاد الكاتب بناءهم وانتقاء ملامحهم، والإسهاب في أحداث تحكي تفاصيل كل واحد منهم، جاءت على هذا النحو: أمينة معلمة لغة عربية تونسية مسلمة مقيمة في أوسلو. مكرم عربي مسيحي أستاذ علاقات سياسية في هارفارد. سليم الليبي بائع ومالك متجر في مونروفيا. وأخيراً محمد موظف حكومي مصري.
هم أربع شخصيات، مختلفة في الفكر والانتماء والدين والجنسية والحالة الاجتماعية والأهداف والغايات والأحلام. لكن كلهم مشتركون برابط واحد هو العروبة. إنها العروبة التي ارهقت كاهلهم، فلا يستطيعون الهروب منها مهما حاولوا، فيتناقلها أبناءهم وأحفادهم بالوراثة، فيكشفها عنها لون البشرة وملامح الوجه، وحتى الاسم الثلاثي. تشي عروبتهم بهم وتفضحهم عنوة مهما هربوا منها، وأصبحوا أمريكيين أكثر، أو صينيين أكثر، أو أوروبيين أكثر.
على خط الاستواء، حيث أرض ميعاد العرب، والبلد القومي المنشود لهم. يأتي الفصل الأخير بستة عشر باباً فرعياً، حاملاً معه الكثير من الأحلام والأمنيات بوطن جديد، اوجدوا له اسم وتاريخ وتفاصيل لا تُعد. اوجدوه من العدم، فصدقه العربي المتعطش لفكرة الانتماء وتأصيل الهوية.
يتخلص عرب المهجر بهذا الوطن من الشتات، فيحاولوا بناء وطن جديد، يتناسب مع ثقافتهم وطموحاتهم التي جعلت منهم مهاجرين. ويتخلص الغرب والعالم كله من خطر اتساع رقعة العرب واختلاف ثقافتهم. فما بين هذا الحلم وذاك، هل يا ترى سيجد العربي مبتغاه، وهل سيتحقق الحلم المنشود؟!
توفيق والذي انهكته العروبة فحمل همها، جاءت كلماته المعبرة بنظرة تهكمية، تحمل الكثير من القتامة والسوداوية، فخرج لنا بهذا العمل، والذي يقول فيه
“عندما تكون عربياً في بلد أجنبي فأنت تصير عربيًا جدًا.. عربيًا أكثر من اللازم”
فأنت ترحل ولكنك تأخذ معك وطنك في حقيبة. فمن مقاطع لمطربين عرب، إلى ألبوم صور يختصر ذكريات، وقليل من بخور وعطور تذكرك بأصلك، تزين بها بيتك الجديد. إنك تجاهد كل يوم في غرس مفاهيم العروبة وقيمها في نفسك حتى لا تنساها، وفي أبنائك حتى لا يستنكروها يوماً.
جاءت رواية شآبيب لتكشف لنا حقيقة أننا ونحن في صالة المغادرة وعلى حافة الوطن، لم نعد عربيون ولا أجنبيون، بل نحن بين هذا وذاك نبحث عن هوية، ووطن، ولنا لقب يُدعى مهاجرون.
رواية شآبيب
يتحدث دكتور أحمد خالد توفيق عن المعاناة التى تقابل الطبقات الاجتماعية و أن طبقات المجتمع لا تقتصر على الأغنياء و الفقراء فقط بل يوجد بعض المجتمعات التى تأتى فيها التفرقة من حيث اللون أو الدين و احيانا الجنس .. لذا قرروا تبنى فكرة خلقها و تربيتها و التنفس فى حضرتها و كانت اختيار أرض جديدة ( شآبيب) بأناس جدد فروا هاربين من أخطاء المدن و سيطرة الدول الكبرى إلى ما يعتبر بالملاذ والإنقاذ بالنسبة لهم . لكن سرعان ما يتحول الحلم لكابوس و الارض الجديدة تعلن عن نفسها و أن لها شعب يتجرع الغضب سفا كغريق المحيط و يقتل صاحب قطيع الفارين و تتحول الجزيرة إلى بحر و نار و دماء جارية ، ليعود كل هارب إلى الفك الذى كاد افتراسه و قد يجسد هذا أن لا مفر من الوطن مهما كان مؤلما ….
الرواية تحمل العديد من الأحداث التى لم تذكر و الكتير من القيم التى لن تكتسب الا بالقراءة لذا أنصح بقراءة هذا التوليفة الرهيب من الالم و الأمل فى نفس السطر .
اهم مافي هذه الرواية هي الأفكار التي تطرحها فهي في البدايه تقوم بالتاصيل للمسألة من جذورها وهي المشاكل والأزمات التي يمر بها العربي في بلاده مثلما رأينا مع شخصية محمد عدنان فتدفعه المشكلات الي الهجرة والهروب من سجن الذات وسجن الوطن ليصطدم بالحقيقة القاسية وهي وجود سجن اكبر وهو سجن الكون والذي يتعرض فيه الي العنصرية والتفرقة بعدة أشكال منها الخلاف الفكري والثقافي ثم التحرش الجسدي واللفظي ودعوات الطرد المباشرة والتعدي علي الممتلكات والذي اشترك فيهم مع شخصيتين أخريين هما امينه وسليم حتي تصل الأمور الي وضع الاختناق حيث لا حل فيقوم العربي الحق الدكتور مكرم ميخائيل الذي يقرر أن يضحي بانسانيته عن طريق خلق كذبة كبري من أجل عرب المهجر الذين شبههم أكثر من مره باليهود في الماضي القريب حتي أنه قرر حذو حذوهم بالعمل علي إقامة دولة للعرب في بابوا غينيا الجديدة ليهاجر إليها العرب وهذه المرحلة هي الأهم لأنها توحي بالكثير من الأفكار اهمها أن مشكلة العرب الحقيقة ليست أعداءهم الخارجيين بل هم أنفسهم بالإضافة إلي تأكيد فلسفة شوبنهاور والذي تبناها في الرواية ناءب الرئيس الأمريكي وهي أن الإنسان شر وان السيء سيقع لا محاله
الكتاب : شآبيب .
الكاتب : الدكتور أحمد خالد توفيق .
نوع الكتاب : روايات الديستوبيا .
عدد الصفحات : ٣٢٩ صفحة .
في زمن ما من مستقبل غير بعيد ، أين يتحول التمييز العنصري المستتر والعداوة الخفية تجاه العرب إلى إضطهاد جليًّ و عداوة معلنة ..
في هذا الزمن تلوح في الأفق آمالا جديدة للعرب المشتتين في كل بقاع الأرض في ظل معاناتهم من الإضطهاد والتعذيب في بلدان المهجر ، بعدما هجروا أرضهم الأم هروبا من طغيان أو يأسا من إمكانية العيش بكرامة أو ركضا وراء أحلام أكبر من إمكانيات بلدهم الأم .. أكرم بروفيسور في جامعة هارفارد في كلية العلوم السياسية ومولع بالتاريخ ، هو من بعث شرارة الأمل تلك في نفوس عرب الشتات ، حيث قرر إنشاء بلد جديد يجمع كل العرب وأختار جزيزة ” بابلو غينيا الجديدة ” أرض ميعاد لعرب الشتات .. أكرم رجل ذكي لديه معرفة كبيرة بالنفوس وبالتاريخ ولديه علاقات لا بأس بها مع السلطات الأمريكية ، وكانت هذه الثلاث نقاط هي ركائز خطته : * إختيار مكان مناسب يجمع العرب كلهم ” بابلو غينيا الجديدة .
* إقناع السلطات الأمريكية بضرورة جمع العرب في مكان واحد : إستعمال طرقه الخاصة .
* إقناع عرب الشتات بالفكرة وتحفيزهم عليها : إيهامهم بأن تلك الأرض كانت يوما ما أرض أجدادهم وما عليهم إلاّ إحياء تلك الحضارة المنسية .. بعدما أقنع السلطات الأمريكية بضرورة لمِّ شمل العرب في جزيرة واحدة وذلك بإستعمال أسلوب : نريِّحهم ونرتاح منهم .. وبعدما إختار جزيرة بابلو غينيا الجديدة كأرض للميعاد ، بدأ أكرم في نشر فكرته وتحبيبها للعرب الذين إستقبلوها بكل ترحيب ، وبدأت رحلتهم إلى أرض ميعادهم وكلهم أمل في بداية جديدة لبناء حضارتهم الخاصَّة على أنقاض حضارة أجدادهم المزعومة ..
فهل ستكون تلك الجزيرة معمورة ؟ أم أنها جزيرة خاوية منسية ؟
كيف سيتعامل العرب مع سكان تلك الأرض ؟
هل ستكفي العرب عروبتهم المشتركة لتجاوز الخلافات ؟ أم أنّها ستظهر معايير أخرى للتفرقةوالعنصرية والخلاف ؟
هل ستُنشأ فعلا تلك الحضارة ؟
بأسلوبه المميز ولغته السلسة البسيطة وأفكاره الإستثنائية يوقظ فينا العراب حلما جميلا ، حلما بعرب مُوَحدين بكلمة واحدة تجمعهم، بعيدا عن التفرقة والشتات والخلافات التافهة .. فهل سننجح كما نجح اليهود قبلنا ..وهل سيتحقق الحلم أم أننا سنستيقظ كالعادة على واقعنا المرير ؟
رواية أنصح بها جميع العرب عامة ومُحبي العراب خاصّة .
إقتباسات من شآبيب :
”ينظر للسماء التي تطل في خجل من أعلى.. يأخذ شهيقا عميقا لكنه يكتشف أنه تعثر في بركة مجار صغيرة. هذه شوارع لم تخلق للنظر للسماء. كل شئ يجبرك على أن تمشي منحنيا في ذل”
”الجنة الافتراضية في ذهنه كانت هي البلد الذي يكفيك لتصل للقمة فيه، أن تشقي وتعاني وتتعذب وتسهر..فقط وهي معادلة مستحيل أن تتحقق في العالم العربي مثلاً، في أمريكا لو لعبت بقواعد اللعبة جيداً فلن يمنعك شئ من بلوغ القمم. بينما العكس هو ما يحدث غالباً في العالم العربي ”
”إن العرب هم يهود العصر الضائعون في الشتات .”
”أحيانا يساعدنا الآخرون بأن يكونوا في حياتنا فحسب ” .
“هذە ليست حربًا، لكنها تدانيها في الخطورة والأهمية. الهدف الاستراتيجي واضح جلي، لكنه يحتاج إلى مبرر أخلاقي وتاريخي. الوسيلة لن تكون نظيفة تمامًا لكن الغاية مبررة ومحترمة. القليل من الماكيافيللية لن يضر أحدًا.”
إذا كنت تحب الروايات الواقعية السوداوية التي تخلو أحداثها من اي بهجة لكنها ستزيد من معرفتك ووعيك بالمجتمعات فهذه الرواية مناسبة لك،
الرواية ترصد معاناة العرب في البلاد الأجنبية بشكل عام، لكنها تتطرق بكثير من التفاصيل إلى 4 بلاد منها الأجنبية والعربية وهم النرويج والولايات المتحدة وليبيريا ومصر، من خلال سرد حكايات أبطالها.
وتتحدث عن الحلم الذي كان يلاحق مكرم وهو أنه يجمع كل العرب المهاجرين في بلد واحد لكي يقضي علي أي اضطهاد يتعرضون له، وبأسلوب دكتور احمد خالد توفيق المميز جدا يطرح العديد من الأفكار الجريئة ولكن يبقي سؤال واحد هل يمكن لرجل واحد أن يُصلح العالم؟
ورأيي بها أنها رواية ممتازة وتستحق القراءة ولكنها في بعض الأحيان كانت مملة بعض الشئ ولكن أيضا يوجد بها احداث تجعلك لا تتركها.
ومن أهم الاقتباسات التي بها:
“لو كان بوسع المرء أن يغرس الخنجر في مخه ليقطع الجزء الذي يحمل ذكريات معينة لغدت الحياة جنة.”
“أحيانا يحتاج الخوف إلي شجاعة كاملة لتعترف به.”
“نحاول نصف حياتنا أن نقنع أنفسنا أن ما حدث لم يحدث… غالباً ما ننجح في ذلك.”
” ليس بوسعك منع الصبي من السقوط في الماء، ولكن بوسعك أن تلقي له طوق نجاة.”
ماذا لو كُتب التيه على بني العرب مثل ما كُتب على بني إسرائيل أترى العرب مجتمعين ومتحدين مرة أخرى؟
أتراهم على كلمة رجل واحد أم ما إن لبثوا مجتمعين بادروا بالخلافات والتفرقات التي أعتدناها بين العرب؟
هذا ما أثاره دكتور أحمد -رحمه الله- في كتابه شآبيب. وشآبيب في المعجم تعني الدفعات الأولى من المطر أو الشِّدة من الشيء. و تتمركز الرواية عن فكرة وحدة العرب ومحاربة داء الاضطهاد العربي الذي أصاب العالم كله. يمكن للمرء أن يبدأ بداية جديدة إذا أنغلقت أمامه أبواب النجاح ولكن ماذا عن أمة باكملها تُرى هل تنجح؟
قراءة قصيرة جميلة، أتعجب لقلة الإسقاطات بالكتاب و التي كنت أتوقع منها الكثير و إن وجدت فوجب عليا أن اعترف أني لم ألحظهم. رحمة الله على الدكتور .. الدكتور الذي جعل الشباب يقرأون.
“خطر له أن الجبناء الذين يعلنون أنهم جبناء شجعان جدا .. البطل هو الذي يرفض الانضمام لأصحابه الثوار الذين لا يؤمن بقضيتهم”
“شابيب جمع شؤبوب اى الدفعه من المطر”
صدرت روايه “شابيب” عام 2018 دار الشروق للكاتب الدكتور الراحل احمد خالد توفيق وهو طبيب وأديب مصري، وهو أول كاتب عربي يقتحم مجال أدب الرعب هو الأشهر في مجال أدب الشباب والخيال العلمى
ولد بطنطا فى اليوم العاشر من شهر يونيو عام 1962، وتخرج من كلية الطب عام 1985 وحصل على الدكتوراه فى طب المناطق الحاره عام 1997
تدور الاحداث فى الروايه فى زمن اصبح فيه العالم العربى فقيرا لا يمكن العيش فيه بكرامه حول العرب الذين انتشروا فى انحاء البلاد والذى اطلق عليهم الكاتب “عرب الشتات” يأخذنا الكاتب فى رحلة ممتعة مليئة بالإثارة من النرويج إلى الولايات المتحدة، مرورا بليبيريا ومصر وأستراليا، قبل أن يستقر عند خط الاستواء. يطرح العديد من الأفكار الجريئة ليظل السؤال: هل يمكن لرجل واحد أن يُصلح العالم، حتى لو كان يؤمن بأنه الشخص المناسب الذي جاء في الزمن المناسب ليقوم بالمهمة المناسبة؟
اما عن المهمه المناسبه التى تحدث عنها الكاتب هى ان يتجمع العرب كلهم فى مكان واحد وبلده واحده بعد ان تعرضوا للاضطهاد فى بلاد المهجر حتى يظهر احد العرب المرموقين علميا وهو الدكتور مكرم ؛ الأستاذ في جامعة هارفارد، أن يلتقي كل عرب المهجر في موضع واحد. كان يحلم بدولة واحدة يجتمع فيها العرب بعدما تشتتوا في العالم، هناك لن يضطهدهم أحد ولن يخيفهم أحد. سوف تكون دولة قوية لأنها ستمزج بين ما تعلموه في كل الحضارات يقنع صديقه نائب الرئيس الأمريكي بالحلم، ويبدأ في تنفيذ المشروع الذي يجذب عرب الشتات نحوه ليحلموا بعالم جديد حتى انه يزيف تاريخ العرب ليجعل لهم تاريخا فى بلاد بعيده تسمى بابوا غينيا الجديدة حتى ينتهى الحلم بتحوله الى كابوس ويلعب القدر لعبته الى ان تسوء الامور
اخذنا الكاتب فى رحله بعيده باسلوب من السهوله والعذوبه والدقه فى اختيار الالفاظ
فالكاتب يعرض الفكرة أو المشكلة في براعة مبهرة ويتعمق في أسبابها ويستعرض جميع زواياه ولكنه يدع القارئ ليستخلص الهدف أو الحل بنفسه ولا يحاول فرض رأي على أحد فكانت تلك الروايه جيده جدا رغم عيوبها حيث ان الكاتب كان يتحدث فى خط زمنى غير منطقى ولكن فى اخر الامر استطاع ان يبهرنا بأسلوبه وافكاره واهدافه وصياغته للامور
لابد أن الدكتور أحمد خالد توفيق قد لمس ما يعانيه قطاع من العرب من ضيق داخل أوطانهم، وهواجس اضطهاد خارجها. فقد مد الخط على استقامته، وتنبأ بمستقبل يصل الضيق فيه ما لا يطاق، وتتحقق فيه الهواجس بشكل يفقد الكوابيس أي تميز!
تبدأ الرواية بملحمة متعددة الفصول تتناول عربًا من المشرق والمغرب العربي، يسكنون بلادًا في شتى بقاع العالم. وتصور الأحداث ما آلت له أوضاعهم من شقاء في الداخل والخارج. فلا يجد من بالداخل بدٌ من الخروج، ولا يجد من بالخارج من مصيره المحتوم مهربًا! وهنا يولد حلم أرض الميعاد.
أرض الميعاد التي يضرب عرب الشتات جذورهم في تاريخها، ويربطهم بها انتماء يشعرهم بأصالتهم. الوطن الجديد الذي يحتضن طاقاتهم وينهي عذاباتهم. الفردوس الأرضي الذي يجدون فيه ذواتهم، ويحققون حلمهم الخاص!
من حسن طالعهم أن هناك بينهم رجلًا ذا مكانة ومنصب وعلاقات وذكاء تجعله قادرًا على تحقيق الحلم. فها هي الأرض تُختار، والتاريخ يُلَفَّق، وتَوازن المصالح لكسب دعم القوة العظمى في العالم يُرسم.
وفي اللحظة التي وصل فيها عرب الشتات لقاع العذاب، إذا بالمشروع قد تجهز، وأُعلن عنه. فانطلقوا صوبه من كل حدب.
أهلًا بكم في “شآبيب”!
”
زارت شآبيب الغيوث ديارنا
فإذا “شآبيب” ارتــــــــــــــــــوت بالصَّيِّب
فإذا الجبال اخضوضرت وترعرعت
فالعيش في غينيا الجديدة أضحى مطلبي
(من قصيدة الشآبيبي الشهيرة، ولكن قام مكرم بتغييرها لتناسب العصر)
”
طاردين الأهالي الأصليين، يبدأ عرب الشتات تجربة الاستيطان الإحلالي تحت مبرر أخلاقي تاريخي يعرف سادتهم أنه مزيف. ويمضون قُدُما في بناء دولتهم الوليدة، وتحقيق فردوسهم المنشود! وفي هذا تدور أحداث الجزء الثاني من الرواية، تعرض لنا تحديات وأسئلة الواقع الجديد. أثر تجربة الماضي القاسية عليها، وأثر طباع العرب المعروفة في نجاحها. فهل تنجح التجربة؟
***
هذه الرواية هي تجربة ممتعة وثرية. قد يقرأها القارئ وفي رأسه الشخصية العربية بتاريخيها وسماتها التي أدت بها لواقعها الحالي، وهو حين إذ يتساءل: هل عرب المهجر في طريقهم لتلك العذابات التي تتنبأ بها الرواية؟ وهل الشخصية العربية قادرة على تجاوز سماتها التي أدت بها لهذا الوضع، إذا ما سنحت فرصة جديدة لبداية جديدة؟
وقد يقرأها قارئ آخر كنموذج رمزي، يحاكي ما تعرضت له أمم أخرى من عذابات، وكيف نسجت هذه الأمم حلم الفردوس الأرضي الخاص بها على أرض ميعاد اختيرت لها، فقامت بهجر أوطانها إلى الأراضي الجديدة عن طريق الاستيطان الإحلالي المدعوم بتاريخ مزيف، وفلسفة قيمية تبرر للداخل والخارج عدالة الموقف، وتَوازُن مصالح يضمن الدعم والنجاح.
قد يربط القارئ بين غينيا الجديدة التي أسست بها شآبيب، وبين أمريكا الشمالية، أو فلسطين.
في جميع الأحوال سيستمتع القارئ بما يقرأ. فعبارات الكاتب بجانب أنها تحمل دلالات السرد، وأحداث الرواية بما وراءها من فلسفات، وأفكار، وما يدور داخل النفوس وخارجها، فهي أيضًا تحمل أسلوب الدكتور أحمد خالد توفيق الجميل الممتع الذي يجمع بين جمال العبارة، ورونقها وتميزها، والسخرية الذكية التي يمارسها بتمكن حقيقي.
لم يعجبني ربط الكاتب لكل عقد النفس الداخلية واتجاهاتها ومواقفها في الحياة بالغريزة الجنسية بشكل أو بآخر. لا أعرف إن كان متأثرًا في ذلك بفرويد أم لا. ولكني لم أجد ذلك مقنعًا على أي حال!
الرواية في مجملها عمل ممتع: من حيث السرد والحبكة، وعصري: يتناول قضية معاصرة تمس قطاعات مهمة من الشعوب العربية بشكل مباشر أو غير مباشر، ومهم: يوجه التفكير إلى منطقة تستحقه!
تقييمي للرواية ثلاث نجوم، وهو تقييمي عادة للروايات التي استمتعت بقراءتها وأعدها جميلة!