كتب يوسف السباعي رواية " نائب عزرائيل" في عام ١٩٤٧ ، و رواية " البحث عن جسد" في عام ١٩٥٣ وقد طبعت الروايتين في مجلد واحد فيما بعد..لكن تحكي الرواياتان عن نفس الشخص.
احصل علي نسخةكتب يوسف السباعي رواية ” نائب عزرائيل” في عام ١٩٤٧وهي المؤلف الأدبي الثاني له بعد مجموعته القصصية ” أطياف” التي كتبها في نفس العام، ومن ثم تعتبر” نائب عزرائيل ” هي الرواية المطولة الأولى للسباعي..
تدور أحداث الرواية فيما بين عالمين هو عالم البرزخ الذي صعد فيه البطل عن طريق الخطأ والعالم الدنيوي الذي هبط فيه البطل بإحدى المدن الساحلية بمصر ثم اصطحبنا إلى منطقة زينهم وحي السيدة زينب بالقاهرة، لم يحدد الكاتب زمن الرواية ربما لأنها تصنف ضمن قصص الفانتازيا و الروايات الخيالية التي كان ينتقل فيها البطل بين جسده وروحه وبين الحياة والموت، وبالرغم أن الحوار الذي كتبت به الرواية غلب عليه أسلوب المرح والفكاهة الا أن الرواية فلسفية من الدرجة الأولى شرحت معنى الموت ومفارقة الحياة بأسلوب بلاغي ونعتته بانه مجرد انتقال لحياة أرقى وأسعد كما ذكر الراوي حين صعدت روحه
” ..لقد أحسست أنني قد نضوت سريالي الصفيق، وفررت من سجني السفلي .. وأنني قد أخذت في السمو شاعرا بخفة عجيبة..”
رواية نائب عزرائيل تتكون من احدى عشر فصلا تبدأ مع ” عودة من الآخرة” لأحد الأرواح لكن ” في الطريق” يطلب ” عزرائيل العاشق” من البطل طلبًا عجيباً تحوله الى ” نائب عزرائيل” الذي لا يرضى بقبض ” الروح الأولى” ويغادرها سائرا ” في سيدي زينهم” ثم يغادر المكان متجها نحو ” وليمة” ، ثم يقابل ” محمود أفندي الفنط” ، و ” أبو السعد” الذي لم يكن له نصيباً من اسمه، ثم يعود في ” في عربة ( بويك) ” متجها لرحلة ” في السجن السفلي”
رحلة بين السماء والأرض يحاول فيها إنقاذ عدد من الأرواح ويتكلم فيها عن فلسفة الموت ثم يرى في النهاية مقعده في النار من خلال كابوس مرعب قد يتحقق أولا…
قام يوسف السباعي بإهداء إلى ملاك الموت عزرائيل قائلاَ في خاتمتها:
” وإنني يا سيدي في انتظار اللقاء .. اما على صفحات كتاب آخر أو في السماء .. ما بي من خشية ولا رهبة فالحياة عندي والموت سواء ! ..”
وعن رواية ” البحث عن جسد” فقد صدرت في عام ١٩٥٣ بعد ثورة يوليو ٥٢ و رحيل الملك، وقد طبعت الروايتين في مجلد واحد فيما بعد..
” البحث عن جسد” هي المؤلف الأدبي السادس والعشرون للسباعي، والرواية السادسة له وتدور الأحداث حول رحلة البحث عن جسد لروح تريد أن تعود إلى الدنيا ثانياً تنتابها الحيرة حين تعرض عليها الشخصيات المختلفة لتختار من بينها وبالتالي تعتبر هي الجزء الثاني من رواية ” نائب عزرائيل” تلك الروح التي صعدت وأرادت العودة ثانيا للحياة، والرواية تصنف من روايات الفانتازيا الخيالية الفكاهية ولذلك لم يحدد ” السباعي” لها الزمان أو المكان وبالرغم من الأسلوب الساخر الذي كتب به الرواية إلا أنها رواية سياسية رمزية من الدرجة الأولى، أشارت شخصية البطل فيها الى شخصية الملك فاروق، وحاول “جبرتي العصر” إيصال رسالته من خلالها التي تكمن في أن الشعوب هي التي تصنع الحاكم وليس الحاكم الذي يصنع الشعوب كما ذكر في آخر صفحاتها على لسان بطله :-
” ..أأخذ الشعب كله وأتركك يا صاحب الجلالة بلا شعب ؟ أظن لن يكون لك ملكا اذا كنت ملكا بلا شعب، ان ملكك مستمد من وجوده، وسلطانك مستمد من كيانه، مهلا يا صاحب الجلالة اذ أخذتك أنت فليس أسهل من أن يصنع غيرك…
صنع الملوك سهل … وصنع الشعوب مستحيل”
ماذا لو اخطأ مساعدوا عزرائيل واحضروا شخصاً ليقبض روحه مكان شخص اخر ؟ ولا يتم اكتشاف هذا الافى منتصف الطريق بين السماء والارض
تلك كانت الفكره الرئيسيه لروايه “نائب عزرائيل” التى صدرت عام 1947 وروايه “البحث عن جسد” التى صدرت عام 1953 وطبعت الروايتين فى نفس المجلد
فكرة الرواية اساسها تخيل الكاتب لعزرائيل ملك الموت المسئول عن قبض ارواح البشر وكانه يقوم بعمله بناء على قائمة يتولى تنفيذ مهمته كما وكلت اليه والحياه بعد الموت اى “حياه البرزخ”
ماذا لو اخطأ مساعدوه واحضروا شخصاً ليقبض روحه مكان شخص اخر ؟ ولا يتم اكتشاف هذا الافى منتصف الطريق بين السماء والارض
يتم الاعتذار له ويقرروا اعادته مرة اخرى للارض فى حين ان هذا الشخص يعرض عليهم الدخول معهم فى الدار الاخرة
يتبادل الرجل اطراف الحديث مع عزرائيل عن الموت ، وكيف ان البشر يخشونه ويخشون الموت ، وانه مهما ساءت الحياة يراها خير من الموت
ويحكى الرجل كيف ان البشر يرسمون لعزرائيل صورة بشعة تتناسب مع وظيفته فى حين انه يراه جميلا ويخاطبه بعزرائيل الجميل
ان الانسان يستطيع ان يعتاد كل مكروه فى حياته الا الموت .هو يأبى الا ان يفاجأ بالموت برغم علمه ان كل انسان معرض له
يعيد عزرائيل التفكير فى اعادة الرجل الى الحياة فهو يعتقد انه اصبح خطراً لانه جرب الموت وعرف حقيقته ،فهو يخشى ان يبث افكاره بين الناس ويخبرهم ان الموت عملية هينة وانه مجرد انطلاق من سجن الحياة وتحرر من قيود الجسد وانه ليس من البشاعة بحيث يستحق منه هذا البغض
يحذره عزرائيل من نشرافكاره بين الناس لان فى جزعهم من الموت ورهبتهم اياه حكمة بالغة فهو يحد من طغيانهم ويخفف من شرورهم وآثامهم .ففى خشيتهم رادع وزاجر
وحكمة اخرى للموت يراها عزراًئيل ألا وهى الرغبة فى المحافظة على كيان الدنيا فلو ادرك الناس حقيقة الموت وسهولته وبساطته لخلت الدنيا من اهلهافى لمحة عين
يحدث اتفاق بين عزرائيل والرجل بان يقوم بعمله نظراً لان عزرائيل قد تاخر عن موعد هام فهو عاشق متيم فهو على موعد فى الجنة مع محبوبته
يرفض الرجل فى البداية القيام بعمل عزرائيل فهو يرفض ان يكون قباض ارواح فهو يعتبرها عملية قتل
يقنعه عزرائيل بانها ابسط من هذا بكثير ويعطيه عصاته اللتى ما عليه الا ان يشير بها على الشخص المطلوب فتخرج روحه
اعطاه قائمة بالاشخاص المطلوبين بدأ الرجل اطلق عليه الكاتب ( نائب عزرائيل ) يفكر بعدم الالتزام بالقائمة اعتقاداً منه بان الدنيا ستصبح افضل لوان للموت قواعد ونظم ولو ان الموت اصاب الاشرار فقط
خطر بباله ان اكثر خطراً وشراً على العالم هم هؤلاء الزعماء والقادة فهم سبب كل الصراعات فى بلادهم من اجل الوصول للزعامة فيخدعون الناس باسم الوطنية فيقنعون الناس بانهم خير من غيرهم وتنشب الصراعات بين الامم
وقبل ان يقرر تمزيق القائمة قرر ان يتسلى بمعرفة تلك الشخصيات التى من المفروض ان يقبض ارواحها فخطرت له فكرة ان يتدخل ليمنع وقوع اسباب وفاة كل شخصية ورد اسمها فى القائمة
يتنقل الكاتب بنا مع نائب عزرائيل مع كل شخصية بحكاية مختلفة وكيف تحايل ودبر كى يغير خط سير يومها الاخير وظروف وفاتها ليبعدها عن الموت مهما كلفه مع خوفه من غضب عزرائيل منه لعدم قيامه بمهامه
يتوالى انقاذ نائب عزرائيل للارواح بطرق مختلفة كل حسب ما كان مقدر له
تصنف هذه الرواية من روايات الفانتازيا، وقد كُتبت بلغة سهلة ممتعه ساخرة تلتهمها في جلسة واحدة. صدرت رواية نائب عزرائيل عام1947 وتعتبر رواية البحث عن جسد الصادرة عام 1953 هي الجزء الثاني منها.
نجد البطل (يوسف) في أول مشهد ينتظر دوره في طابور طويل ولا يسمع الا ما يشابهه فيفضل الإنتظار وعدم الدخول حتى يفرغ الجمع، فيسأله الحاجب عن سبب بقائه دون دخول وهنا نكتشف المفاجأة أنه ليس المطلوب!
للوهلة الأولى نرى الأمر عادياً كثيراً ما يحدث أما حينما يتعلق الأمر بالموت فتلك كارثة!
نعم بطلنا مات بالخطأ نتيجة تشابه أسماء وهو الأن معلق الروح في حياة البرزخ بين السماء والأرض، ولتدارك الخطأ يقوم عزرائيل شخصياً بالإعتذار والتعهد بإعادته للأرض، وحينما تقع عين البطل على عزرائيل لأول وهلة لا يصدق عينه بل ويظنه أحد مساعديه لشد ما رأه وسيماً مهندماً بعكس ما نتخيله من هيئه منفره مخيفه.
وأثناء رحلة العودة يتناقش البطل مع عزرائيل الجميل كما أسماه حول ماهية الموت والحياة، وأن الموت ليس بذلك السوء الذي يعتقده البعض وأنه غير مؤلم بل هو انتقال لمنزلة أعلى وروح حرة طليقه من أعباء الجسد، بل ويصل به الأمر أن يعرض عليه ألا يعيده إلى الأرض كمساعدة منه لعزرائيل لأنه يفضل الموت بعدما عرفه عن الحياة، فيتوجس منه عزرائيل الخوف بعدما عرف حقيقة الأمر ولكنه يرفض طلبه بالبقاء في حياة البرزخ ويوضح له انه لا يجب أن ينشر رأيه للناس عن الموت بعد عودته، لأن لرهبة الموت سبب فهو بمثابة الرادع الزاجر للناس عن شرورهم كما أنه سبب للبقاء على الحياة فلولا رهبته لما بقي على الأرض أحد.
تبدأ رحلة العودة إلى الأرض ولكن عزرائيل يتذكر موعد هام تأخر عنه لولا خطأ التبادل هذا ولكنه حتى لو حاول اللحاق بموعده لن يستطيع فلديه مهام لم ينجزها، وهنا تبدأ المهمه العجيبه فيصبح البطل نائب لعزرائيل بعد إتفاق بينهم بأن يذهب هو ليقبض الأرواح ويذهب عزرائيل ليلحق بموعده.
فتجول بخاطر البطل فكرة طالما راودته وهي أن عزرائيل يحتاج لنظم وقوانين يتبعها فلماذا يقبض اشباب الغض ويترك الكهل المريض، لماذا يأخذ المفيد النافع للناس ويترك الشر حراً طليق، فيقرر عدم الإلتزام بكشف الأسماء المقرر موتها على أن يحذرهم ويستبدلهم بأخرين لابد من موتهم حتى تستقيم الحياة الا وهم الحكام وأولي الأمر الطغاة الجائرين الذين يتشدقون بحقوق الفقراء ولا يفعلون واجبهم نحوهم بل لا هم لهم الا مصالحهم فقط على حساب الفقراء، كما انهم يقيموا الحروب لصالح اهوائهم ومصالحهم ويدعون غيرهم أمام فوهة المدفع بدعوى الوطنيه. أولئك هم الأحق بالقتل من غيرهم.
وأخيراً يتدخل عزرائيل وينقذ الموقف ويعيد الأمور إلى مجراها في قبض الأرواح حتى لا يختل ميزان الكون، كما يرد الجميل للبطل بخدمات مميزة تجعله يشعر بقيمته وسبب وجوده في الحياه شاكراً الله عظيم الشكر على تلك التجربة.