كل رجال الباشا

نبذة عن كل رجال الباشا

كل رجال الباشا : محمد علي وجيشه وبناء مصر الحديثة هو كتاب من تأليف الكاتب خالد فهمي ، يتناول فيه، أهم الحقبات التاريخية في تاريخ مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وهي فترة حكم محمد علي باشا رائد النهضة الحديثة في مصر ، و يعرض سياسة محمد علي الداخلية و الخارجية ، ويعرض أيضا اهتمامه بتكوين الجيش من أجل توسعاته الخارجية وأهم المعارك التي خاضها.
تتبع معظم فصول الرواية حياة جندي من جنود جيش محمد علي، حيث يروي لنا الكاتب تفاصيل جزء من حياة ذلك الجندي من مرحلة تجنيده إلي هروبه مروراً بتدريبه وحياته في المعسكر وسلوكه داخل المعركة ، ورعايته صحياً ، ثم يُظهر لنا الكاتب الجانب الأخر من حياة ذلك الجندي، الجانب الذي يضم المهانة و العنف الذي وقع ضحيته الفلاح المصري، وهو يُنتزع من أهله وقريته، التي كان يقاسي فيها بالفعل من أهوال إدارة الباشا وضرائبه ، وذلك فقط من أجل مخططات قد وضعت من خلال الجيش النظامي.

في تلك الرواية أيضا ، يقدم لنا الكاتب صورة بشعة للحياة اليومية للجنود في المعسكرات ، والإستراتيجيات السلطوية التي أُتيحت لتدريب أولئك الجنود ، فقط من أجل إقامة الجيش النظامي الحديث ، والذي بدوره يقوم بخدمة الباشا وأطماعه الخاصة ، ويقع مضمون ذلك كله خلف إقامة الدولة البيروقراطية الحديثة واستحداث أدوات السلطة الانضباطية الحديثة. يستند الكاتب على واقع الوثائق التركية ، الواثق التي تم كتابتها على يد سادة هؤلاء الجنود و من يستعبدوهم. يضيف إلينا الكاتب أن تلك الأحداث جميعها مرتبطة بولادة الشعور القومي المصري ، حيث أن القومية المصرية قد وُلدت من خلال تقديم عشرات الآلاف من الأسر الفلاحية قرابين من أجل النهضة الحديثة ، و ازدهارها بالرغم من أنف المصريين المضطهدين وقتها.

ومن جانب أخر يصر الكاتب علي أن يقدم لنا، إعادة قراءة لمجمل تاريخ مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، ومن جانب آخر تأخذنا الرواية إلى منعطف جديد ورؤية جديدة لسياسات محمد على وإصلاحاته آنذاك في مصر ، لنجد أنفسنا نتساءل، ترى ماذا كانت أجندة محمد على؟ هل لإصلاحاته علاقة بقضية إحياء قوة الدولة العثمانية ، و إصلاحات السلطان سليم الثالث التي سبقت فترته؟ يقدم لنا الكاتب في تلك الرواية تاريخ مصر من الأسفل ، أي أنه يهتم فقط بالمحكومين أكثر من الحكام، حيث أنه يقدم إضافة علمية وفلسفية مهمة في دراسة السلطة وتشكيلها عبر التاريخ. يحلل بناء من وجهة نظره تلك وثائق و خطابات الجيش المصري في ذلك العصر ، قام أيضا بفتح عيون المؤرخين والقراء على وثائق شديدة الخصوصية ، و ثائق قد دفنت في أنقاض الزمن ، أزاح عنها الغبار ليجعلنا نري مدي أهميتها في في دراسة تاريخنا.

استطاع خالد فهمي في تلك الرواية التي يسردها محافظاً على أسلوبه السلس والذي يفيض بالدراما ، أن يأخذ بيد القارئ إلي حقائق ربما لم يعلم عنها شيئا، مستعملاً حجج شديدة وقوية ، ومكتملة الوضوح ، من أجل أن يجعلنا نري من قد دثر من تاريخنا في تلك الحقبة.