تناول أحداثاً عاطفية مؤلمة بطلها شاب عجز عن الزواج لسلبيته ولم يستطع ممارسته لأسباب نفسية متعلقة بتاريخه، وأفضى بسره إلى طبيب لم يعرف الشاب عن قرابته من زوجته فاستغل الطبيب ما أفضى به إليه، وتوالت الأحداث لتنتهي إلى فوضى من الخسارة والألم.
احصل علي نسخة
كتاب ممتع جدا و اسلوب سهل وجميل
اسم الكتاب: رواية السراب
اسم الكاتب: نجيب محفوظ
تصنيف الكتاب : رواية نفسية تربوية
تاريخ النشر: 2017 صدرت لأول مرة 1948
دار النشر: الشروق
عدد الصفحات: 413
المكان: القاهرة
الزمان: زمان صدور الرواية لأول مرة 1948 ويعود للخلف ثلاثين عاما
نجيب محفوظ أديب نوبل الغني عن التعريف، المغرق في المحلية، فترجمة رواياته للعديد من اللغات والثقافات، فيسهل تعديل أسماء الشوارع والمدن والشخصيات وتبقى الرواية مناسبة تماما للمجتمعات المختلفة، محفوظ بالأساس دارس للفلسفة، يسقط أفكاره الفلسفية على أبطاله ورواياته، فهو لا يقدم لنا حكاية، بل اختار أن يغوص في قلب الحواري والشوارع ليوضح لنا عبقرية جغرافيا المكان، ويربطها بالتاريخ، لينقل لنا تصوراته عن الإنسان والخليقة.
تتميز رواية السراب عن سائر رواياته، أنها لا تنشغل بأدب الحارة الشعبي، بل انشغلت بالإنسان الذي هو دائما البطل الحقيقي، ويبقى الأدب المتمحور حول الإنسان هو الأعظم.
في رواية السراب يعرج لمنطقة مميزة بالأدب، وهي النفس البشرية فيدور بنا في أروقتها وحارتها، ويقدم تحليلات نفسية فرويدية، ويعود بنا للماضي، عندما بدأت أزمة كامل نتيجة لأزمة والدته، فأصبجت حياته عبارة عن خطأ تربوي فادح وقعت فيه الأم، تحت وطأة الظروف النفسية التي مرت بها، زيجة فاشلة من رجل سكير، ووقوع الطلاق كنتيجة طبيعية، والطامة الكبرى عندما تضطر الأم لترك ابنيها لطليقها، خسائر فادحة لا يتحملها القلب، ويبقى المكسب الوحيد هو احتفاظها بابنها كامل، الأمل الوحيد بعد أن صارت مطلقة تعيش مع والدها، ليس لها شاغل بالحياة غيره، وهنا يلقي نجيب محفوظ الضوء على جانب تربوي حساس، أن الأم هي من قامة بتربية كامل، ولم تكن هي بحالة من السواء النفسي، فأصبح طبع كامل أشبه بطبع النساء، خاصة في حيائه الشديد، والذي علينا أن نسميه بمسماه الحقيقي، فهو خجل مرضي، ليتخطى الأمر حد الخجل ليصل للهروب من الحياة والناس والمجتمع، ليصبح الهروب عادته، فيهرب حتى من نفسه.
أتبعت الأم الطريقة التي يتبعها كثير من الأباء، وهي الشفقة على الأبناء من قسوة الحياة التي اختبرناها جيدا، فعمدت إلى تجنيبه مشقات الحياة، فانتظرته زلازل القدر، التي تنتظر كل من يخرج لمعتركات الحياة غير مؤهل لها، لم ينجح في تكوين صداقات بالدراسة، تأخر في الحصول على البكلوريا حتى سن الخامسة والعشرين.
دخل الكلية ، واعتبرها نقلة سعيدة بحياته، وفرصة للإنفتاح على الحياة، حتى جاءت محاضرة الخطابة وأفسدت عليه كل شيء، وأصبح مطالبا بالصعود للمنصة ومواجهة زملائه وإلقاء خطبة عليهم، وهي مهمة مستحيلة بالنسبة له.
يتمكن أخيرا كامل من الإلتحاق بوظيفة، ويبدأ التعامل الحقيقي مع الحياة، فاثناء إنتقاله للعمل ينتفض قلبه لفتاة الترام “رباب” صبية جميلة خجولة مهذبة، يهيم بها شوقا دونما أن يقول لها شيء، يكتفي بالبحث عنها بمحطة الترام، وملاحقتها بنظراته، تشفق على كامل وهو يحدثك عن خفقان قلبه بعنف لأجلها، كيف أحب في عمله أن محطة العمل جعلته يقابلها، الغريب أن للحب طاقة هائلة تجعل صاحبها كالبركان الثائر وتمكنه من فعل الكثير والكثير من أجل من يحب، أو على الأقل ليستأنف حياته مع من يحب، حبه لرباب كان له أن يخرجه من عزلته، ويفطمه من أمه التي لازال متعلقا بها، لكن عقده التي كبلت روحه أكبر من حبه.
وهنا ننتقل لعقدة “أوديب” التي سنكتشف أنها عقدة كامل الحقيقية، وأن أفته أكبر بكثير من الخجل أو التدليل الزائد، “كامل لاظ” تربى مع امرأة محروم من الأب محرومة هي من الزوج، فلم يتعلم دوره الذكوري، فالذكوره ليست تشريح فسيولوجي وهرموني، بل هي طبيعة نفسية يتعلمها الطفل الذكر من والده أو من يحل محله، فلنا أن نقول كما قال بعض النقاد أن كامل تعرض لعملية إخصاء نفسي، تعلق بأمه تعلق جنسي، لديه صورة مشوهة عن الجنس أنه فعل فاضح مشبوة، لا يرتكب أبدا في حق من يحب، سلوك يشوه الصورة الملائكية التي رسمها لحبيبته رباب الشريفة العفيفة.
تركيبة عجيبة مرعبة تجعل كل العطب الذي أصاب كامل حتى قابل رباب، لا يقارن بما ينتظره بعد هيامه بها.
تغيرات وتتطورات كبيرة تطرأ على الرواية وتغير مسار حياة الجميع، قفزات تشبه السحر ،يتوفى جده ليتولى هو الإنفاق على أمه، ثم يتوفى والده فيرث ثروة، لتصبح رباب زوجته وهي السعادة المنتظرة، فيكتشف أنها السعادة المفقودة يقف أمامها عاجزا خاويا، ولا يجد فحولته إلا عند البغايا والعاهرات وبالأخص واحدة منهن بسن أمه، لجأ للطبيب أمين رضا وأفضى له بحالته وسره ليساعده، فيتلاعب بزوجته رباب مستغلا ما عرفه من أسرار، ففقدت شرفها وحملت سفاحا وأجهضت وماتت.
كامل هو الراوي لمأساته عندما أمسك بالورق، وبدأ قصته بأنه قتل والدته أو بالأحرى تسبب في وفاتها.
عندما اكتشف كامل سبب موت زوجته، وأنها دفعت حياتها ثمن لخيانته، أعلن لأمه أنه لن يعبد الله بعد ما حدث، وبعد موت والدته اعتزل الناس واكتشف أنه خلق للتصوف، والتفكر والتأمل في أحواله.
الرواية مليئة بالسجالات النفسية، ترصد وصف دقيق وحساس للمشاعر والأفكار والتصورات الإنسانية
جدير بالذكر أن الرواية تم تحويلها لفيلم عام 1970، من إخراج أنور الشناوي وبطولة نور الشريف وماجدة وعقيلة راتب وتحية كاريوكا.