لم أعرف أن الطواويس تطير

بهاء طاهر

مجموعةٌ قصصية تتـكون من سِـتة قصصٍ مُختلـفة كُليًـا عن بعضِها البعض ولـكن يجـمعهُنّ شيءٌ واحِدٌ فقط، أسلوب بهاء طاهر السلس المغموس بالأفكارِ القيِّـمة.

احصل علي نسخة

نبذة عن لم أعرف أن الطواويس تطير

”لم أعرف أن الطواويسَ تطير“ هي مجموعةٌ قصصية تتـكون من سِـتة قصصٍ مُختلـفة كُليًـا عن بعضِها البعض ولـكن يجـمعهُنّ شيءٌ واحِدٌ فقط؛ فـرُغم أن القصص قد تناولت أفكارًا مُـتعددة إلا أن أسلوب بهاء طاهِر المُميز وقُدرته المُبهرة على إنشاءِ قصةٍ مُتكاملة الأركانِ كان ما يربُطهنَّ، فـقد تمـتع أسلوبَه بالسلاسةِ المغموسةِ بالأفكارِ القيِّـمة.

وتأتي القصة الأولى مصبوغةً ببعضٍ من براءةِ الأطفال وتـلقائيتهم، فيأخذنا الحفيد الذي لم يبلُـغ من العُمرِ سِوى عامين إلى عالمِه الخاصّ.. إلى كيـف يرى الأشياء ويتعامل معها؛ يُـجوّلنا الكاتبُ داخل شـوارِع عـقل ذاك الطفل المُتكدسة. وهُـنا، يطرَحُ بهاء أنواع ردّات الفِعل المُختلفة تجاه تصرفاتِ هذا الصغيـر؛ فقد اتـخّذ الوالِد والجدّ الطريـقَ الأسهل.. فعندما يُلاحظون يدَ الصغير تبدأ بالتسلل إلى سطحِ المكتب وتستمتعُ بتمزيقِ أغلفة الكُتب بشراهة، يـقِفون أمامَه عاجزين إلى أن يُـقرر أحدهم التحلي بالشجاعة واقتلاع بقايا الكُتب من بين يديه.. لتستمرّ من بعدِها حلـقةً من البُـكاء المُتواصِل.

أمّا الأم، فقـد وجدت طريقتها الخاصة، حتى أنها ظنت أنها هي الوحيدة التي تستطيع فهمَ ذاك الكائن الصغير. فكانت تتعاملُ معه بمبدأ ”سأشغلـك بشيءٍ ٱخر حتى تنسَ ما أردته بالفعل..“ وقـد بدا في أول الأمر أن ذلك المبدأ قـد وفّـى بالغرض، ولـكن ذاكرة الطفل قد أسعفـتهُ في اللحظةِ الأخيرة ليبدأ في وصلةِ بُـكائِه اللامُتناهية من جديد التي لا تتوقف إلا عندما يحصُلَ على ما يُريد!

وتأتي القصة التي لُـقِبّت المجموعة باسمِها في المرتبـة الثالِثة؛ لـتُثبِتَ لنا أن الحياة لن تَخضَع لـنا دائمًا مثلما خضعت للصغيـر، فبـطلُ القِصة هذه المرة هـو الطاووس الذي أخذ في البـحثِ عن حُريـته الضائِعة؛ مُتمردًا على المألوفِ وخارِجًا عنِ النَصّ.. تـارِكًا العنانَ لريشِه ومُنطلِقًا وكُـله إيمان أنه يمتلكُ تلك القُدرة؛ قُـدرة الطيران!

وفي ظِلّ أن الجميع من حولِه يُحاولون بشتّى الطُرُق ردّه عن ذاك الخطر الذي -في رأيهم- يُهدد حياتَه، كان هو يرى الحياةَ كُـلها في لحظةِ طيـرانِه المُنتَـظرَة. وها هي لحظةُ الانطلاقِ قد حانَت، ها هي قدميه ترتفع رُويدًا رُويدًا باتجاهِ الشجرة؛ لطالما شاهَد العديد من أولئك الذين ينتمون لفصيلته هُناك.. ينتقلون من غُصنٍ لٱخرٍ بكل خِفةٍ ورَشاقة؛ وكم تمنى أن يستطيعَ التحليقَ مثلهم هكذا، كم تمنى أن يلتقي بحُريته.. وكانت الحُرية بالنسبة لهُ قد تلخصّت كل معانيها في تلك السماء الصافـِية من فوقِه.

وبعد مُحاولاتٍ كثيرة ومُتكررة؛ بدا وكأن طاووسَنا لم يستطع أن يستمرّ، لم يستطع أن يُصبح الطاووس الطائِر أو أن يتحول لحُرٍ طليق. لينتهي به الحال في مشهدٍ مؤلِم وهو ينظُر بحسرةٍ إلى حُلمِه الشريد، ساكِنـًا في الشبكة، مُستسلمًا لكل القُيود.

وتأتي القصة الأخيرة بعنوان ”الجارة“، ويأخذنا بهاء هذه المرّة في رحلةٍ أخيرة؛ فبعد أن ألقينا نظرةً على عالمِ الحفيد اللطيف.. واقتحمنا حياةَ الطاووسَ التي لم تكن مُلونةً مثل ريشِه كما توقعنا.. والٱن، نقفُ في محطةِ الكتاب الأخيرة.. وربما حتى محطةِ الحياة الأخيرة. فبطلةُ قصتنا هذه المرّة هي العجوز التي تعيشُ وحدَها بعد أن رحل زوجها وتزوج ابنها وتغيرت الحياة تمامًا بالنسبة لها.. رافِضةً طلب ابنها المُلّح بأن يضعها في إحدى دورِ المُسنّين؛ الذي كانت تعتبره بمثابة سِجنٍ لها. ورُبما نجدُ هنا ذاك التشابُه الذي قـد ظهر بين الطاووسِ والعجوز.. فكلاهُما يُـحاولان العيش أحرارًا؛ كلاهُما يُريدان التحليق.

عجوزٌ قد تخطّت الثمانين ولـكن؛ ما زالت تتمتعُ بتلك الروح المُحّبة للحياة.. تعلمّت هي حُبّ الحياة من زوجِها الذي كان يحيا بالفرحِ والحُريّة حتى ٱخر أيامه. وتضرِبُ لنا الجارة في هذه القصة خيـرَ مِثال في مُجابهةِ الحياة؛ تُجابهها بابتسامةٍ برّاقة مُطلقةً ذاك الطفل المَرِح الذي يكـمُن داخلها.

حمّل التطبيق

تحميل التطبيق

اترك تعليقاً

كتب بهاء طاهر

الرئيسية
حسابي
كتب
كُتاب
متجر