في "الخيط الرفيق" يناقش إحسان عبد القدوس الفاصل بين الحب والرغبة في التحكم، وفي رأيه الفرق بسيط للغاية، فهناك خيط رفيع يفصل بين هذه المشاعر...
احصل علي نسخةيولند.. اسم غريب و شخصية أغرب تطارد بطل روايتنا.
يولند.. يولند.. هى كل ما يطفو فى ذهن بطلنا. فى صحوه و فى أحلامه تطارده يولند. لا يستطيع الفرار منها و ربما هى أيضًا لم تستطع الفرار منه. ما الذى يميزها كثيرًا عن باقى الفتيات و النساء ؟ أو ما الذى ينقصه فتكمّله له يولند ؟ أم أنه طبع الإنسان أن يرغب فى كل ما يصعب عليه امتلاكه؟
تدور الأحداث بين سويسرا و مصر و بالتحديد مدينة القاهرة بين بنك “باركليز” و “ميدان السباق” و فندق كبير لم يُذكر اسمه و “المستشفى الايطالى” ، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، أثناء الحكم الملكى و قبل بداية العهد الناصري تقريبًا ، لان الكاتب لم يهتم بتوضيح زمن سير الأحداث كثيرًا ، و لكننا نستدل على ذلك من خلال بعض الألقاب و التفاصيل الصغيرة فى القصة و ربما هذا لأن قصتنا غير مرتبطة بزمن معين لإمكانية حدوثها لأي إنسان باختلاف زمانه أو مكانه.
البطل الغير مُسمى – و الذى حرمه إحسان من الهوية التي يجدها الإنسان في اسمه ، و دعاه فقط بلقب “الأستاذ” – شاب مجتهد و مثقف فى السابع و العشرين من العمر ، يعمل أستاذاً و دكتوراً فى القانون. كل ما يشغل باله هو الدراسة و الكتب و العمل و لا يأبه بالكثير مما يشغل بال الشباب فى سنه ، حتى يقابل فتاة تُدعى يولند تطارده صورتها بشكل هوسي. فهل يجتمع يولند و بطلنا ؟ و هل يولند هى نفس الفتاة التى تصورها فى كل شىء أمامه ؟
نتابع حكاية كل منهما و مصيرهما و كيف يقودهما القدر إلى بعضهما رغم اختلاف طريقهما و ظروفهما.
تحوى القصة الكثير من النقاط المهمة و إن بدا هنا أن أساسها هى العلاقة التى تجمع بين رجل و امرأة فهذا هو المعنى الظاهري. رواية الخيط الرفيع كنز يطرح الكثير التساؤلات فى عدد صفحات قليل. و أيضًا لا تخلو قصص عبد القدوس من التلميحات السياسية المُبطنة فنجدها تأخذ حيز و لو صغير من كل حبكاته ، فيجدسها في شخصيات معينة في الرواية.
العنصر النسائى دائماً يسيطر على مؤلفات عبد القدوس. و تمثله هنا بالطبع يولند. لا تقل يولند تعقيدًا عن أيًا من نساء عبد القدوس بل يمكن أن تكون أغربهم فتحير القارىء، ما بين كونها الضحية والجانية.
تسمح لنا يولند – كما تسمح لبطلنا – بالإضطلاع على أسرارها وتفتح لنا – و له – الستار الممثل فى ابتسامة رقيقة لا تدرى اذا كانت تدعوك للإقتراب أم تحذرك منه و تُسقط قناعها فى لحظة ضعف و استسلام لمشاعرها كإنسان ، و كم نست هى كونها إنسان.. و هل تندم يولند ؟
بل السؤال هنا ، هل يندم البطل – و نندم نحن معه على قبول دعوتها ؟ و لمَ يشتهى المجتمع فى أغلب الأحيان النفاق ؟ ننافق لنبدو بصورة لائقة. لنحصل على ما نريد. و ما جريمة امرأة تحاول ان تنهش من المجتمع كما نهش المجتمع منها. أليس ذلك هو العدل ؟
هل خلاص المرأة هو الرجل ؟ أم ينهش منها هو الآخر حتى تصبح بضاعة فاسدة ؟ و تنهش منه هى لتملأ فراغات نهش الآخرين. يملكها هو، أم تملكه هى؟ كثير من الأسئلة تطرحها قصتنا و لكن تجاوب عليها أيضًا بنهاية قاسية و غير متوقعة تجعلنا نقسو على يولند و نشفق عليها فى ذات الوقت.