ثقوب في الثوب الأسود

إحسان عبد القدوس

رواية ثقوب في الثوب الأسود من أروع روايات إحسان عبد القدوس الأدبية التي نشرتها مكتبة مصر في عام ١٩٦٢ ثم أعادت نشرها مكتبة الأسرة في عام ١٩٩٨، لتحير النقاد والقراء في تصنيف لونها الأدبي، وتضع علامات استفهام متعددة حول المقصود من عنوانها.

احصل علي نسخة

نبذة عن ثقوب في الثوب الأسود

تُرى ماذا كان يقصد إحسان عبد القدوس بالثوب الأسود في روايته ثقوب في الثوب الأسود؟ هل كان يقصد ثوب الطفولة التي مازال العقل الباطن ل “سامية” يرتديه منذ سن العاشرة بالرغم من بلوغها الثالثة والعشرين؟، أم ثوب الأمومة التي كانت تخشى أن ترتديه “بييندا” حتى وليدها لا يلقى نفس مصير والده؟

أو كما صرح إحسان مباشرة في بداية روايته “وجوه سمراء حلوة، تنتشر بينهم وجوه بيضاء كالثقوب في القطيفة السوداء.”، أم كان يقصد القارة السمراء، أفريقيا السوداء التي وضع فيها الاستعمار الأوربي ثقوب بيضاء؟

تدور أحداث رواية ثقوب في الثوب الأسود في عام ١٩٥٠حيث يصحبنا البطل في رحلة من القاهرة إلى ” بوسطن” بالولايات المتحدة، ثم يسافر بنا الى”دكار” عاصمة السنغال بحثا عن “طرزان” وحياة الأدغال التي لم يجدها، فيتجه بنا نحو مدينة “باماكو” في قلب أفريقيا لنعيش معه معظم أحداث رواية ثقوب في الثوب الأسود و يعود بنا في النهاية إلى منزله في حي الزمالك بالقاهرة، حين تقرأ تلك البداية التي نقلنا فيها الكاتب من “بوسطن” الى “دكار” إلى “باماكو” تعتقد أنك تقرأ رواية عن أدب الرحلات،

لكن سرعان ما يتبدد هذا الشعور حين يقابل البطل الطبيب المصري “سامي الداعوق” التاجر اللبناني لتشعر أنك ستقرأ رواية اجتماعية، و يتبدل بك الحال مرة أخرى حين يختفي “سامي” من المقهى الذي كان يجلس به بجوار الطبيب ويعود في الصباح بجروح في الرقبة لتشعر أنك ستقرأ رواية رعب،

وحين يدعو “سامي” الطبيب لمنزله، وتشاهد “سامية” أخته تصرخ وتبكي وتصيح حينما تسمع أغنية “أم كلثوم”، وأخيها “سليم” الأصغر يعامل شقيقيه الكبيرين معاملة الأطفال التي لا تخلو من العنف والقسوة تشعر أن هناك جريمة وراء ذلك و أنك تقرأ رواية بوليسية من الدرجة الأولى، وحين تعلم أن بطل رواية ثقوب في الثوب الأسود هو طبيب نفسي يتبادر إلى ذهنك أنك ستفك عدد من الطلاسم النفسية والعُقد السيكوباتية،

لكن حينما تتعرف على قصة الحب التي نشأت بين “سامي” و “بييندا” والتي توارثتها الأجيال، على الرغم من استحالة زواجهما فترى نفسك تبحر في عالم من المشاعر والأحاسيس وأنك تقرأ رواية رومانسية عاطفية،.. ولكنك ستتفاجأ حين تكمل الرواية أنك تقرأ رواية سياسية من الطراز الأول صبغت بقالب اجتماعي سيكوباتي رومانسي بوليسي مرعب.

هل يوجد لدينا عقلين، عقل واعي مسؤول عن تصرفاتنا، وعقل باطن يحمل ذكرياتنا؟ وهل يوجد بينهما صراع قد يحملنا إلى السقوط في هوية المرض النفسي، أو الانحدار نحو طريق الجنون؟ هل نسجن داخل ذكريات العقل الباطن المؤلمة و نظل مقيدين داخل ثوبها الأسود، هذا ما كان يحاول الطبيب النفسي بطل رواية ثقوب في الثوب الأسود فك طلاسمه أثناء رحلته، تلك الرحلة التي تعرف فيها على “الكاباكا” والشياطين البيضاء، وتحدث بلغة “الولف”، ورأى أبناء “الماتيس”،

ذلك اللفظ الذي حين تردده أفواه الأفريقيين وأفواه البيض يشوبه رنة احتقار وازدراء .. لماذا ” الماتيس” يقفون دائماً في الوسط، جمالهم وسط ليس جمال الزنوج ولا جمال البيض، ذكاؤهم وسط ليس ذكاء الزنوج ولا ذكاء البيض، تقاليدهم وسط بين الزنوج والبيض، ولغتهم أيضاً وسط تجمع بين لغتيهما.

هل كان إحسان عبد القدوس يسقط تلك الرواية على شخصيته حين تحدث عن الوسط والأبناء الذي يولدون نتاج ثقافتين مختلفتين؟ حيث تحدث في مقدمتها عن الصراع الذي عاش بداخله بين تربية جده أحمد رضوان خريج الأزهر ورجل القضاء الشرعي الذي كان متحفظاً لدرجة التزمت، وتربية والديه محمد عبد القدوس وفاطمة اليوسف اللذان عاشا للحرية والفن؟ هل كان يسقط قصة الحب بين “سامي” و “بييندا” على قصة حبه وعشقه لزوجته التي أهداها الرواية؟

هل كان “إحسان” يرى هذه الرواية تجسد جزء من حياته أم أنها مجرد قصة تنتقض العنصرية والاضطهاد بين المجتمعات وتعشق الحرية وتبغض الاستعمار وتراه ليس سوى ثقوب يجب حياكتها ورتقها حتى لا تشوه جمال وأناقة الثوب الأسود؟.

حمّل التطبيق

تحميل التطبيق

اترك تعليقاً

كتب إحسان عبد القدوس

الرئيسية
حسابي
كتب
كُتاب
متجر